الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالُواْ ٱطَّيَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰٓئِرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ تُفۡتَنُونَ} (47)

وكان الرجل يخرج مسافراً فيمر بطائر فيزجره ، فإن مر سانحاً تيمن ، وإن مر بارحاً تشاءم ، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر ، استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته : أو من عمل العبد الذي هو السبب في الرحمة والنقمة . ومنه قالوا : طائر الله لا طائرك ، أي : قدر الله الغالب الذي ينسب إليه الخير والشر ، لا طائرك الذي تتشاءم به وتتيمن ، فلما قالوا : اطيرنا بكم ، أي : تشاءمنا وكانوا قد قحطوا { قَالَ طائركم عِندَ الله } أي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله ، وهو قدره وقسمته ، إن شاء رزقكم وإن شاء حرمكم . ويجوز أن يريد : عملكم مكتوب عند الله ، فمنه نزل بكم ما نزل ، عقوبة لكم وفتنة . ومنه قوله : { طائركم مَّعَكُمْ } [ يس : 19 ] ، { وَكُلَّ إنسان ألزمناه طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ } [ الإسراء : 13 ] . وقرىء : «تطيرنا بكم » ، على الأصل . ومعنى : تطير به : تشاءم به . وتطير منه : نفر منه { تُفْتَنُونَ } تختبرون . أو تعذبون . أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم الطيرة .