ثم إن صالحاً عليه السلام{[39123]} لما قرّر هذا الكلام الحقّ أجابوه بكلام فاسد ، فقالوا «اطّيَّرنَا بِكَ » أي : تشاءمنا بك ، لأنّ الذي يصيبنا من شدة وقحط شؤمك وشؤم من معك{[39124]} . وقرئ : «تطيّرنّا بِكَ »{[39125]} ، وهو الأصل ، وأدغم ، وتقدّم تقريره{[39126]} ، قال الزمخشري : كان الرجل يخرج مسافراً فيمرُّ بطائر فيزجره ، فإن مرّ سانحاً{[39127]} تيمّن ، وإن مرَّ بارحاً تشاءم{[39128]} ، فلمّا نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان للخير والشر ، وهو قدر الله{[39129]} وقسمته ، فأجاب صالح - عليه السلام{[39130]} - بقوله : طائركم عند الله ، أي السبب الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله ، وهو قضاؤه وقدره وهو مكتوب عليكم{[39131]} . سمي طائراً لسرعة نزوله بالإنسان ، لأنّه لا شيء أسرع من قضاء محتوم . قال ابن عباس : الشؤم أتاكم من عند الله بكفركم{[39132]} . وقيل طائركم : عملكم عند الله{[39133]} ، سمي طائراً لسرعة صعوده إلى السماء ، وقيل : إنما قالوا ذلك لتفرق كلمتهم ، وقيل : لأنه أمسك عنهم المطر في ذلك الوقت وقحطوا{[39134]} .
قوله : «تُفْتَنُونَ » جاء بالخطاب{[39135]} مراعاةً لتقدّم الضمير ، ولو روعي ما بعده لقيل «يُفْتَنُونَ » بياء الغيبة ، وهو جائز ولكنه مرجوح ، ويقول : أنت رجل يفعل وتفعل بالياء والتاء ، ونحن قوم نقرأ ويقرأون{[39136]} .
والمراد من هذا الكلام أن صالحاً - عليه السلام{[39137]} - بين بهذا الكلام جهلهم بقوله : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } ، فيحتمل أن غيرهم دعاهم إلى هذا القول ، ويحتمل أن المراد أن الشيطان يفتنكم بوسوسته .
وقال{[39138]} ابن عباس : يُخْتَبرون بالخير والشر كقوله : { وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] ، وقال محمد بن كعب : يعذبون{[39139]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.