فكان جوابهم عليه بعد هذا الإرشاد الصحيح والكلام اللين أنهم قالوا :{ اطيرنا بك } أصله تطيرنا ، وقد قرئ بذلك ، والتطير التشاؤم ، أي : تشاءمنا بك ، وأصابنا الشؤم والضيق والشدة بك { وبمن معك } ممن أجابك ، ودخل في دين ، وذلك لأنه أصابهم قحط فتشاءموا بصالح ، وقد كانت العرب أكثر الناس طيرة ، وأشقاهم بها ، وكانوا إذا أرادوا سفرا أو أمرا من الأمور نفروا طائرا من وكره ، فإن طار يمنة ساروا وفعلوا ما عزموا عليه ، وإن طار يسرة تركوا ذلك .
وفي القرطبي : لا شيء أضر بالرأي ، ولا أفسد للتدبير ، من اعتقاد الطيرة ، ومن ظن أن خوار بقرة أو نعيق غراب يرد قضاء ، أو يدفع مقدورا فقد جهل ؛ فلما قالوا ذلك { قال } لهم صالح :
{ وطائركم عند الله } أي ما يصيبكم من الخير والشر بأمر الله ، وهو مكتوب عليكم ، سمي طائرا لأنه لا شيء أسرع من نزول القضاء المحتوم ، والمعنى ليس ذلك بسبب الطيرة التي يتشاءمون بها ، بل سبب ذلك عند الله ، وهو ما يقدره عليكم . وقيل : المعنى أن الشؤم الذي أصابكم هو من عند الله لسبب كفركم ، وهذا قوله تعالى : { يطيروا بموسى ومن معه ، ألا إنما طائرهم عند الله } وقيل : طائركم عملكم ، وسمي طائرا لسرعة صعوده إلى السماء ، ثم أوضح لهم سبب ما هم فيه بأوضح لبيان فقال :
{ بل أنتم قوم تفتنون } أي تمتحنون وتختبرون وقيل : تعذبون بذنوبكم ، وقيل : يفتنكم غيركم ، وقيل : يفتنكم الشيطان بما تقعون فيه من الطيرة أو بما لأجله تطيرون ، فأضرب عن ذكر الطائر إلى ما هو السبب الداعي إليه وجاء بالخطاب مراعاة لتقدم الضمير ، ولو روعي ما بعد ، لقيل : يفتنون ، بياء الغيبة ، وهو جائز ، ولكنه مرجوح ، تقول : أنت رجل تفعل ويفعل ، ونحن قوم نقر ويقرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.