تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالُواْ ٱطَّيَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰٓئِرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ تُفۡتَنُونَ} (47)

[ الآية 47 ] وقوله تعالى : { قالوا اطيرنا بك وبمن معك } أي تشاءمنا منك وبمن معك . لم يزل الكفرة [ يقولون ]{[15045]} لرسل الله ، صلوات الله عليهم ، ولمن آمن معهم : { اطيرنا بك } إذا أصابتهم الشدة والبلاء ؛ يتطيرون بهم ، ويتشاءمون ، ويقولون : إنما أصابنا هذا بشؤمكم . وإذا أصابهم رخاء وسعة قالوا : هذا لنا ، بنا ، ومن أنفسنا ، وهو ما قال قوم موسى حين{[15046]} قالوا : { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا } الآية [ الأعراف : 131 ] وكذلك قال أهل مكة لرسول الله حين{[15047]} قال : { وإن تصيبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } [ النساء : 78 ] .

كانوا يتطيرون برسول الله ، ويتشاءمون بما يصيبهم من الشدة وما ينزل بهم من البلاء ، فأخبر الله رسوله ، وأمره أن يقول لهم : { كل من عند الله } [ النساء : 78 ] أي الرخاء والشدة من عند الله ينزل ، وهو باعث ذلك لا أنا .

فعلى ذلك قوله تعالى : { طائركم عند الله } أي ما ينزل بكم ، ويصيبكم من الشدة والرخاء إنما ينزل من عند الله ، لا بنا ، ولا بكم . أو يقال : ما ينزل بكم من العذاب في الآخرة إنا يصيب بتكذيبكم إياي في الدنيا ، أو يقال : { طائركم عند الله } أي جزاء طيرتكم عند الله ؛ هو يجزيكم بها بعذاب الدنيا والآخرة .

[ وقوله تعالى ]{[15048]} : { بل أنتم قوم تفتنون } بالعذاب بما تكسبون من الأعمال في الدنيا ، أي تعذبون بها .

قال أبو عوسجة : { طائركم عند الله } يقول : الله أعلم بطائركم وما تطيرتم{[15049]} به .

وقال القتبي { طائركم عند الله } أي ليس بي ، وإنما هو من الله ، وهو ما ذكرنا .


[15045]:- ساقطة من الأصل وم.
[15046]:- في الأصل وم: حيث.
[15047]:- في الأصل وم: حيث.
[15048]:- ساقطة من الأصل وم.
[15049]:- من م، في الأصل: تطيركم.