غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (71)

70

ثم بين أن شأن المؤمنين في الدنيا والآخرة بخلاف المنافقين فقال { والمؤمنون } الآية قال بعض العلماء : إنما قال هاهنا { أولياء بعض } وهناك { من بعض } [ الآية : 66 ]

لأن نفاق أتباع المنافقين حصل بسبب التقليد لأكابرهم بمقتضى الطبع والعادة بخلاف الموافقة بين المؤمنين فإنها بسبب المشاركة في الاستدلال والتوفيق والهداية . وأقول : كون بعض المنافقين من بعض يوجب اشتراكهم في أمر من الأمور بالجملة كالدار أو حكم من الأحكام الشرعية أو سيرة وطريقة وهذا هو المقصود ، ولكنه يحتمل أن يكون تكلفاً أو بطريق النفاق لأن سببه انعقاد غرض من الأغراض الدنيوية العاجلة فذكر الله تعالى اشتراكهم في ذلك بلفظ «من » لمكان الاحتمال المذكور . وأما تشارك المؤمنين في السيرة فلما كان سبببه الإخلاص والعصبية للدين والاجتماع على ما يفضي إلى سعادة الدارين كانت الموالاة بينهم محققة فصرح الله تعالى بذلك . ثم وصفهم بأضداد صفات المنافقين فقال { يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } وهاتان الصفتان بالنسبة إلى غيرهم . ثم قال المنافقين { ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة } وهاتان لهم في أنفسهم وهما بإزاء قوله في صفة المنافقين { ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون } [ التوبة : 54 ] . ثم وصفهم بالطاعة على الإطلاق فقال { ويطيعون الله ورسوله } أي في كل ما يأتون ويذرون . ثم ذكر ما أعدّ لهم من الثواب على سبيل الإجمال فقال { أولئك سيرحمهم الله } والسين تفيد المبالغة في إنجاز الوعد بالرحمة كما يؤكد الوعيد به إذا قلت سأنتقم منك يوماً يعني أنك لا تفوتني وإن تباطأ ذلك . ثم ختم الآية بقوله { إن الله عزيز حكيم } وفيه ترغيب للمؤمنين وترهيب للكافرين لأن العزيز هو من لا يمنع من مرادة في عباده من رحمة أو عقوبة . والحكيم هو الذي يدبر عباده على وفق ما يقتضيه العدل والصلاح .

/خ79