لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ} (3)

قوله تعالى : { نحن نقص عليك أحسن القصص } الأصل في معنى القصص اتباع الخبر بعضه بعضاً والقاص هو الذي يأتي بالخبر على وجهه وأصله في اللغة من قص الأثر إذا تتبعه وإنما سميت الحكاية قصة لأن الذي يقص الحديث يذكر تلك القصة شيئاً فشيئاً والمعنى نحن نبين لك يا محمد أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان وقيل المراد منه قصة يوسف عليه الصلاة والسلام خاصة وإنما سماها أحسن القصص لما فيها من العبر والحكم والنكت والفوائد التي تصلح للدين والدنيا وما فيها من سير الملوك والمماليك والعلماء ومكر النساء والصبر على أذى الأعداء وحسن التجاوز عنهم بعد اللقاء وغير ذلك من الفوائد المذكورة في هذه السورة الشريفة . قال خالد بن معدان : سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة . قال عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها . وقوله تعالى : { بما أوحينا إليك } يعني بإيحائنا إليك يا محمد { هذا القرآن وإن كنت } أي وقد كنت { من قبله } يعني من قبل وحينا إليك { لمن الغافلين } يعني عن هذه القصة وما فيها من العجائب قال سعد بن أبي وقاص : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زماناً فقالوا يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله عز وجل : { الله نزل أحسن الحديث } فقالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله تعالى : { نحن نقص عليك أحسن القصص } فقالوا يا رسول الله لو ذكرتنا فأنزل الله عز وجل : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } .