قوله عز وجل : { ولنبلونكم } أي لنختبرنكم يا أمة محمد واللام جواب القسم تقديره ، والله لنبلونكم ، والابتلاء لإظهار الطائع من العاصي لا ليعلم شيئاً ، لم يكن عالماً به فإنه سبحانه وتعالى عالم بجميع الأشياء قبل كونها وحدوثها { بشيء } إنما قال : بشيء ولم يقل بأشياء لئلا يوهم أن أشياء تدل على ضروب من الخوف . وكذا الباقي فلما قال بشيء كان التقدير بشيء من الخوف ، وبشيء من الجوع . وقيل : معناه بشيء قليل من هذه الأشياء { من الخوف } قال ابن عباس : يعني خوف العدو والخوف توقع مكروه يحصل منه ألم في القلب { والجوع } يعني القحط وتعذر حصول القوت { ونقص من الأموال } يعني بالهلاك والخسران { والأنفس } أي ونقص من الأنفس بالموت أو القتل { والثمرات } يعني الجوائح في الثمار وقيل : قد يكون بالجدب أيضاً وبترك العمل والعمارة في الأشجار . وحكي عن الشافعي رضي الله عنه في تفسير هذه الآية قال : الخوف خوف الله تعالى والجوع صيام شهر رمضان ونقص من الأموال يعني إخراج الزكاة والصدقات والأنفس يعني بالأمراض ، والثمرات يعني موت الأولاد ، لأن الولد ثمرة القلب . عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته أقبضتم ولد عبدي ؟ قالوا : نعم . قال : أقبضتم ثمرة فؤاده ؟ قالوا نعم قال فماذا قال ؟ قالوا : حمدك واسترجع قال : ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد " أخرجه الترمذي ، وقال حديث حسن . فإن قلت ما الحكمة في تقديم تعريف هذا الابتلاء في قوله : ولنبلونكم . قلت فيه حكم : منها أن العبد إذا علم أنه مبتلي بشيء ، وطن نفسه على الصبر ، فإذا نزل به ذلك البلاء لم يجزع . ومنها أن الكفار إذا شاهدوا المؤمنين مقيمين على دينهم ثابتين عند نزول البلاء صابرين له علموا بذلك صحة الدين فيدعوهم ذلك إلى متابعته والدخول فيه . ومنها أن الله تعالى أخبر بهذا الابتلاء ، قبل وقوعه فإذا وقع كان ذلك إخباراً عن غيب فيكون معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ومنها أن المنافقين إنما أظهروا الإيمان طمعاً في المال وسعة الرزق من الغنائم فلما أخبر الله أنه مبتلي عباده فعند ذلك تميز المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب ، ومنها أن الإنسان في حال الابتلاء أشد إخلاصاً لله منه في حال الرخاء ، فإذا علم أنه مبتلي دام على التضرع والابتهال إلى الله تعالى لينجيه مما عسى أن ينزل به من البلاء ثم قال تعالى : { وبشر الصابرين } يعني عند نزول البلاء والمعنى وبشر يا محمد الصابرين على امتحاني بما أمتحنهم به من الشدائد والمكاره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.