لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (182)

{ فمن خاف } أي علم وهو خطاب عام لجميع المسلمين { من موص جنفاً } يعني جوراً في الوصية وعدولاً عن الحق ، والجنف الميل { أو إثماً } أي ظلماً { فأصلح بينهم } وقيل الجنف الخطأ في الوصية ، والإثم العمد . وقيل في معنى الآية : إنه إذا حضر رجل مريضاً وهو يوصي فرآه يميل في وصيته إما بتقصير أو إسراف أو وضع الوصية في غير موضعها فلا حرج عليه أن يأمره بالعدل في وصيته وينهاه عن الجنف والميل ، وقيل إنه أراد به إذا أخطأ الميت في وصيته أو حاف متعمداً فلا حرج على وليه أو وصيه أو ولي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته وبين ورثته وبين الموصى لهم ، ويرد الوصية إلى العدل والحق { فلا إثم عليه } أي :فلا حرج عليه في الصلح { إن الله غفور رحيم } أي لمن أصلح وصيته بعد الجنف والميل . عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرجل والمرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنة ، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار " ثم قرأ أبو هريرة :

{ من بعد وصية يوصي بها أو دين } إلى قوله :{ ذلك الفوز العظيم } أخرجه أبو داود والترمذي . قوله : فيضار إن المضارة إيصال الضرر إلى شخص ، ومعنى المضارة في الوصية أن لا تمضى ، أو ينقص بعضها ، أو يوصي لغير أهلها ، أو يحيف في الوصية ونحو ذلك .