الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (182)

ثم قال تعالى : ( فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً اَوِ اِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ ) [ 181 ] .

أي : فمن حضر مريضاً يوصي بوصية لا تجوز له في الدين ، فلا حرج عليه أن يصلح بينه وبين ورثته ويأمره بالعدل في وصيته ، وينهاه عن منعه مما أذن الله له فيه وأباحه( {[5541]} ) له( {[5542]} ) .

وقيل : المعنى : فمن خاف جنفاً من الموصي فأصلح بين الورثة والموصى لهم فرد الوصية إلى العدل والحق فلا حرج عليه( {[5543]} ) .

قال ابن عباس : " إذا أخطأ( {[5544]} ) الميت في وصيته وخاف( {[5545]} ) فيها فليس على الأولياء( {[5546]} ) حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب " ( {[5547]} ) . وهو معنى قول قتادة والنخعي( {[5548]} ) .

وقال عطاء : " معناها : من خاف من موص جنفاً في عطيته عند موته بعض ورثته/دون بعض ، فلا إثم عليه أن يصلح بين الورثة " ( {[5549]} ) .

وقيل : معناه : من خاف من موص جنفاً في وصيته لمن لا يرثه بما يرجع نفعه على من يرثه فأصلح بين ورثته ، فلا إثم عليه( {[5550]} ) .

وهو معنى قول طاوس ، قال : " جنفه( {[5551]} ) توليجه بوصيته لبني ابنه( {[5552]} ) ليكون المال إلى أبيهم ، وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها( {[5553]} ) ، فيصلح بينهم الوصي والأمير( {[5554]} ) ، ويوعظ هو في حياته " ( {[5555]} ) .

وقال السدي : " نزلت هذه الآية في الوالدين والأقربين " ( {[5556]} ) .

فمعناها( {[5557]} ) : فمن خاف من موص لآبائه وأقربائه جنفاً على بعضهم لبعض فأصلح بين الآباء والأقربين ، فلا إثم عليه .

واختيار( {[5558]} ) الطبري( {[5559]} ) أن يكون معناها : من خاف من موص جنفاً( {[5560]} ) أن يحيف في وصيته/فيوصي بأكثر مما يجب له في وصيته ، فلا حرج على الذي حضر أن يصلح بين الموصي والورثة بأن يأمر الميت/ بالمعروف والحق( {[5561]} ) .

والضمير في " بَيْنَهُمْ " يعود على الورثة( {[5562]} ) والموصى لهم . أو( {[5563]} ) على الورثة والموصى على الاختلاف المتقدم( {[5564]} ) .

وجاز إضمارهم ، ولم يجر( {[5565]} ) لهم ذكر ، لأن معناهم في الخطايا وفحوى الكلام مفهوم ، لأن الميت وذِكرَه يدل على الورثة ، والوصية تدل على الموصى له( {[5566]} ) والموصى( {[5567]} ) والموصي إليه( {[5568]} ) .

قال ابن عباس : " جنفاً : خطأ " ( {[5569]} ) . وقال عطاء : " ميلاً " ( {[5570]} ) .

وقال الضحاك : " الجنف : الخطأ ، والإثم : العمد " ( {[5571]} ) وهو قول النخعي( {[5572]} ) .

ثم قال : ( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ 181 ] .

أي " غفور " للموصي فيما حدث به نفسه من الجنف والخطأ والإثم العمد إذا ترك ذلك( {[5573]} ) ورجع إلى الحق ، " رحيم " بالمصلح .


[5541]:- في ق: إباحة. وهو تصحيف.
[5542]:- انظر: هذا التأويل في جامع البيان 3/399.
[5543]:- انظر: جامع البيان 3/400.
[5544]:- في ع2: خطأ.
[5545]:- في ع1، ع2، ق: خاف. وهو تصحيف.
[5546]:- في ع3: أولياء.
[5547]:- انظر: جامع البيان 3/400-401.
[5548]:- انظر: المصدر السابق.
[5549]:- أورد نحوه الطبري في تفسيره 3/402.
[5550]:- انظر: معاني الفراء 1/111، والمحرر الوجيز 2/71.
[5551]:- في ع2: جنفة.
[5552]:- في ع2، ع3: بنيه.
[5553]:- سقط قوله: "ليكون المال لابنتها" من ع3.
[5554]:- في جميع النسخ: الأمين. والتصويب من جامع البيان 3/402.
[5555]:- انظر: جامع البيان 3/401.
[5556]:- انظر: المصدر السابق.
[5557]:- في ع3: في معناها. وهو تحريف.
[5558]:- في ع2: الاختيار. وفي ع3: اختار.
[5559]:- في ق: البطري. وهو تحريف.
[5560]:- سقط من ع2، ح، ع3.
[5561]:- انظر: جامع البيان 3/403.
[5562]:- سقط حرف الواو من ق.
[5563]:- في ع2، ع3: و.
[5564]:- انظر: في هذين التوجيهين في إعراب القرآن 1/234.
[5565]:- في ع1: يجد. وفي ق، ع3: يجز.
[5566]:- في ع2، ع3: به.
[5567]:- سقط من ع3. وفي ع2، ق: الموصى.
[5568]:- انظر: في هذين التوجيهين في إعراب القرآن 1/234.
[5569]:- انظر: جامع البيان 3/406، وتفسير ابن كثير 1/212.
[5570]:- انظر: المصدر السابق.
[5571]:- انظر: جامع البيان 3/406، وهو أيضاً قول سفيان الثوري. راجع تفسيره 56.
[5572]:- انظر: جامع البيان 3/407.
[5573]:- سقط من ع3.