فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (182)

{ فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } .

{ فمن خاف } أي علم وهو مجاز والعلاقة بينهما أن الإنسان لا يخاف شيئا حتى يعلم أنه مما يخاف منه ، فهو من باب التعبير عن السبب بالمسبب ، ومنه قوله تعالى { إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله } أي يعلما { من موص جنفا أو إثما } الجنف المجاوزة ، من جنف يجنف إذا جاوزا قاله النحاس ، وقيل الجنف الميل ، قاله في الصحاح والكشاف ، والإثم الظلم ، وقيل الجنف الخطأ في الوصية والإثم العمد { فأصلح بينهم } أي أصلح ما وقع بن الورثة من الشقاق والاضطراب بسبب الوصية بإبطال ما فيه ضرر ومخالفة لما شرعه الله وإثبات ما هو حق كالوصية في قرابة لغير وارث ، والضمير في { بينهم } راجع إلى الورثة وإن لم يتقدم لهم ذكر لأنه قد عرف أنهم المرادون من السياق ، وقيل راجع إلى الموصي لهم وهم الأبوان والقرابة { فلا إثم عليه } أي لا حرج عليه في الصلح وإن كان فيه تبدل لأنه خير بخلاف الأول فإنه ضير { إن الله غفور رحيم } لمن أصلح وصيته بعد الجنف والميل .

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار } الحديث{[164]} أخرجه أبو داوود والترمذي ، ومعنى المضارة في الوصية أن لا تمضي أو ينقص بعضها أو يوصي لغير أهلها أو يحيف في الوصية ونحوها .


[164]:السنن الكبرى للبيهقي 6 / 271