لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (63)

قوله عز وجل : { وإذ أخذنا ميثاقكم } أي عهدكم يا معشر اليهود { ورفعنا فوقكم الطور } يعني الجبل العظيم قال ابن عباس : أمر الله جبلاً من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم ، وسبب ذلك أن الله تعالى لما أنزل التوراة على موسى ، وأمرهم أن يعملوا بأحكامها فأبوا أن يقبلوها لما فيها من الآصار يعني الأثقال والتكاليف الشاقة أمر الله تعالى جبريل عليه السلام ، أن يقلع جبلاً على قدر عسكرهم وكان قدره فرسخاً في فرسخ فرفعه فوق رؤوسهم قدر قامة كالظلة وقيل لهم : إن لم تقبلوا ما في التوراة وإلا أرسلت هذا الجبل عليكم { خذوا } أي قلنا لهم خذوا { ما آتيناكم } أي ما أعطيناكم { بقوة } أي بجد واجتهاد { واذكروا ما فيه } أي ادرسوا ما فيه { لعلكم تتقون } أي لكي تنجوا من الهلاك في الدنيا والعذاب في العقبى وإلا رضت رؤوسكم بهذا الجبل فلما رأوا ذلك نازلاً بهم قبلوا وسجدوا ، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصار ذلك سنة في سجود اليهود لا يسجدون إلا على أنصاف وجوههم ، ويقولون : بهذا السجود رفع عنا العذاب .