وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 63 )
وقوله تعالى : { وإذ أخذنا ميثاقكم } ، { إذ } معطوفة على التي قبلها ، والميثاق مفعال من وثق يثق ، مثل ميزان من وزن يزن ، و { الطور } اسم الجبل الذي نوجي موسى عليه ، قاله ابن عباس ، وقال مجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم : { الطور } اسم لكل جبل ، ويستدل على ذلك بقول العجاج : [ الرجز ]
دانى جناحيه من الطور فمرْ . . . تقضّيَ البازي إذا البازي كسرْ( {[729]} )
وقال ابن عباس أيضاً : { الطور } كل جبل ينبت ، وكل جبل لا ينبت ليس بطور ، قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا( {[730]} ) كله على أن اللفظة عربية ، وقال أبو العالية ومجاهد : هي سريانية اسم لكل جبل .
وقصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما جاء إلى بني إسرائيل من عند الله تعالى بالألواح فيها التوراة ، قال لهم : خذوها والتزموها ، فقالوا : لا إلا أن يكلّمنا الله بها كما كلمك ، فصعقوا ، ثم أحيوا ، فقال لهم : خذوها ، فقالوا : لا ، فأمر الله تعالى الملائكة فاقتلعت جبلاً من جبال فلسطين ، طوله فرسخ في مثله ، وكذلك كان عسكرهم ، فجعل عليهم مثل الظلة ، وأخرج الله تعالى البحر من ورائهم ، وأضرم ناراً بين أيديهم ، فأحاط بهم غضبه ، وقيل لهم خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها ، وإلا سقط عليكم الجبل ، وغرقكم البحر وأحرقتكم النار ، فسجدوا توبة لله ، وأخذوا التوراة بالميثاق ، وقال الطبري رحمه الله عن بعض العلماء : لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق ، وكانت سجدتهم على شق ، لأنهم كانوا يرقبون الجبل خوفاً ، فلما رحمهم الله قالوا لا سجدة أفضل من سجدة تقبلها الله ورحم بها ، فأمروا( {[731]} ) سجودهم على شق واحد .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله : والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم ، لأنهم آمنوا كرهاً وقلوبهم غير مطمئنة( {[732]} ) ، وقد اختصرت ما سرد في قصص هذه الآية ، وقصدت أصحه الذي تقتضيه ألفاظ الآية ، وخلط بعض الناس صعقة هذه القصة بصعقة السبعين .
وقوله تعالى : { خذوا ما آتيناكم بقوة } في الكلام حذف تقديره : وقلنا خذوا ، و { آتيناكم } معناه أعطيناكم ، و { بقوة } : قال ابن عباس : معناه بجد واجتهاد ، وقيل : بكثرة درس ، وقال ابن زيد : معناه بتصديق وتحقيق ، وقال الربيع . معناه بطاعة الله .
{ واذكروا ما فيه } أي تدبروه واحفظوا أوامره ووعيده ، ولا تنسوه وتضيعوه( {[733]} ) ، والضمير عائد على { ما آتيناكم } ويعني التوراة ، وتقدير صلة { ما } : واذكروا ما استقر فيه ، و { لعلكم تتقون } ترج في حق البشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.