قوله تعالى : { فَوْقَكُمُ } : ظرفُ مكانٍ ناصبُه " رَفعْنا " وحكمُ " فوق " مثلُ حكم تحت ، وقد تقدَّم الكلامُ عليه . قال أبو البقاء : " ويَضْعُف أن يكونَ حالاً من " الطور " ، لأن التقدير يصير : رَفَعْنا الطورَ عالياً ، وقد استُفيد [ هذا ] من " رَفَعْنا " وفي هذا نظرٌ لأنَّ المرادَ به علوٌّ خاص وهو كونُه عالياً عليهم لا مطلقُ العلوِّ حتى يصيرَ رفعناه عالياً كما قدَّره . قال : " ولأنَّ الجَبَلَ لم يكُنْ فوقَهم وقتَ الرفع ، وإنما صارَ فوقَهم بالرفْعِ . ولقائلٍ أن يقولَ : لِمَ لا يكونُ حالاً مقدرة ، وقد قالَ هو في قولِه " بقوة " إنها حالٌ مقَدَّرةٌ كما سيأتي .
والطُّور : اسمٌ لكلَّ جبل ، وقيل لما أَنْبَتَ منها خاصةً دونَ ما لم يُنْبِتْ ، وهل هو عربي أو سُرْياني ؟ قولان ، وقيل : سُمِّي بطور ابنُ اسماعيل عليه السلام ، وقال العجَّاج :
داني جَنَاحَيْهِ من الطُّور فَمَرّْ *** تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كَسَرْ
قوله : " خُذُوا " في محلِّ نصبٍ بقولٍ مضمر ، أي : وقُلْنا لهم خُذُوا ، وهذا القولُ المضمر يجوزُ أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من فاعل " رَفَعْنا " والتقدير : ورفعنا الطور قائلين لكم خُذوا . وقد تقدَّم أنَّ " خُذْ " محذوفُ الفاءِ وأن الأصلَ : أُؤْخُذْ ، عند قوله { وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً } [ البقرة : 35 ] .
قوله : { مَآ آتَيْنَاكُم } مفعولُ " خُذوا " ، و " ما " موصولةٌ بمعنى الذي لا نكرةٌ موصوفةٌ ، والعائدُ محذوفٌ أي : ما آتيناكموه .
قوله : " بقوةٍ " في محلِّ نَصْبٍ على الحال . وفي صاحِبها قولان ، أحدهما : أنه فاعلُ " خُذوا " وتكونُ حالاً مقدرة ، والمعنى : خُذوا الذي آتيناكموه حالَ كونكم عازمين على الجِدِّ بالعمل به . والثاني : أنه ذلك العائدُ المحذوف ، والتقدير : خُذوا الذي آتيناكُموه في حالِ كونه مشدَّداً فيه أي : في العمل به والاجتهادِ في معرفته ، وقوله " ما فيه " الضميرُ يعود على " ما آتيناكم " . والتولِّي تَفَعُّل من الوَلْي ، وأصلُه الإِعراضُ عن الشيء بالجسم ، ثم استُعْمِل في الإِعراض عن الأمورِ والاعتقاداتِ اتساعاً ومجازاً ، و " ذلك " إشارةٌ إلى ما تقدَّم من رفعِ الطور وإيتاء التوراة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.