الآية 63 وقوله تعالى ( وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ) ذكرنا في ما تقدم{[912]} أن ميثاق الله وعهده على وجهين : عهد خلقة وفطرة{[913]} وعهد رسالة ونبوة . وقوله : ( وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ) في التوراة أن يعملوا بما فيها ، فنقضوا ذلك العهد لما رأوا فيها الحدود والأحكام والشرائع كرهوا ، فرفع الله الجبل فوقهم ، فقبلوا ذلك . ويحتمل ما ذكرنا من عهد خلقة وفطرة فنقضوا ذلك .
وقوله تعالى : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) قيل خذوا التوراة{[914]} بالجد والمواظبة ، وقيل : بقوة ، يعني بالطاعة له والخضوع .
ثم احتج بعض المعتزلة بهذه الآية على ما تقدم القدرة الفعل لأنه أمرهم عز وجل بالقبول له والأخذ والعمل بما فيها ؛ فلو لم يعطهم قوة [ الأخذ والقبول له قبل الأخذ له والفعل ]{[915]} لكان لا يأمرهم بذلك . لأنهم يقولون : لا قوة لنا على ذلك . [ فدل أنه أعطاهم قبل ذلك ]{[916]} . لكنه غلط عندنا ، لأنه لو أعطاهم القوة قبل الفعل ووقت الأمر به ، ثم تذهب عنهم تلك القوة وقت الفعل ، لكان الفعل بلا قوة ؛ إذ من قولهم : أن القوة لا تبقى وقتين . فدل أنها تحدث بحدوث الفعل ؛ لا يتقدم ولا يتأخر ، ولكن يكونان{[917]} معا ، ولأنها سميت قدرة الفعل ، [ فلو كانت تتقدم الفعل ]{[918]} لم يكن لإضافة الفعل إليها معنى ، والله أعلم
والأصل في ذلك أن الله تعالى قال : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) ومعلوم أن المراد من ذلك الأخذ [ بقوة الآخذ ]{[919]} . ثم فيه وجهان :
أحدهما : أن للأخذ{[920]} قوة غير التي للترك .
والثاني : أنه ذكر الأخذ [ بقوة ]{[921]} ، فإذا لم تكن معه لم يكن بها أن يرى أن الوقت إذا تباعد لم يحتمل بما تقدم من القوة ، أوقاتا ، فمثله وقت واحد .
وقوله تعالى : ( واذكروا ما فيه ) قيل فيه بوجوه : قيل : اذكروا ، واحفظوا ما فيه من أمره ونهيه ، ولا تضيعوه .
[ وقوله تعالى ]{[922]} : ( لعلكم تتقون ) المعاصي والمآثم . ويحتمل اذكروا ما فيه من التوحيد والإيمان ( لعلكم تتقون ) الشرك والكفر ، ويحتمل : اذكروا ما فيه من الأحكام والشرائع ، ويحتمل الثواب والعقاب والوعد والوعيد ، وكله واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.