لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (23)

{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } يعني أذن الله له في الشفاعة قاله تكذيباً للكفار حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقيل : يجوز أن يكون المعنى إلا لمن أذن الله في أن يشفع له { حتى إذا فزع عن قلوبهم } معناه كشف الفزع وأخرج عن قلوبهم قيل هم الملائكة وسبب ذلك من غشية تصيبهم عند سماع كلام الله تعالى ( خ ) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها » فإذا فزع عن قلوبهم { قالوا ماذا قال ربكم قالوا } الذي قال { الحق وهو العلي الكبير } وللترمذي « إذا قضى الله في السماء أمراً ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاً لقوله كأنه سلسة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير » قال الترمذي حديث حسن صحيح قوله : خضعاً جمع خاضع وهو المنقاد المطمئن والصفوان الحجر الأملس عن ابن مسعود رضي الله عنه قال « إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفاة ، فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فإذا جاء فزع عن قلوبهم فيقولون يا جبريل ماذا قال ربك ؟ فيقول الحق فيقولون الحق » أخرجه أبو داود . الصلصلة صوت الأجراس الصلبة بعضها على بعض ، وقيل : إنما يفزعون حذراً من قيام الساعة ، قيل كانت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام خمسمائة سنة أو ستمائة ، لم تسمع الملائكة فيها صوت وحي فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كلم جبريل بالرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فلما سمعت الملائكة ظنوا أنها الساعة ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم ، عند أهل السموات من أشراط الساعة ، فصعقوا مما سمعوا خوفاً من قيام الساعة فلما انحدر جبريل جعل يمر بأهل كل سماء ، فيكشف عنهم فيرفعون رؤوسهم ويقول بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم : قالوا الحق يعني الوحي وهو العلي الكبير وقيل : الموصوفون بذلك هم المشركون وقيل إذا كشف الفزع عن قلوبهم عند نزول الموت قالت الملائكة لهم ماذا قال ربكم في الدنيا لإقامة الحجة عليهم ؟ قالوا : الحق فأقروا به حين لم ينفعهم الإقرار وهو العلي الكبير أي ذو العلو والكبرياء .