صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

{ دابة الأرض } أي الدابة التي تفعل الأرض وهو أكل الخشب ؛ وتسمى الأرضة وسرفة وسوسة الخشب . يقال : أرضت الدابة الخشب أرضا – من باب ضرب – أكلته ؛ وإضافة دابة إليه من إضافة الشيء إلى فعله . { تأكل منسأته . . . } أي عصاه التي كان يتوكأ عليها . وسميت منسأة لأنه يزجر بها ويساق ، وتؤخر بها الغنم وتدفع إذا جاوزت المرعى ؛ من نسأ البعير – كمنع – إذا زجره وساقه . أو أخره ودفعه ؛ كنسأه وأنسأه . وقد أكلت الأرضة شيئا منها فسقط . فعلمت الجن علما بينا كذب من يزعم منهم علم الغيب ؛ وإلا لعلموا بموته في حينه ، فلم يلبثوا بعده في هذه الأعمال الشاقة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

قوله تعالى : { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } .

لما حكم الله بالموت على نبيه سليما وأنفذه فيه لم تعلم الجن بموته بل ظلوا مسخرين في الأعمال الشاقة كالبنايات وغيرها . ولما أدركوا أنه قد مات كفّوا عن العمل .

قوله : { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ } أي ما دلّ الجن على موت سليمان إلا دابة الأرض وهي الأرَضَة ، بفتح الهمزة والراء . والمراد بها دويبة تأكل الخشب ونحوه وتسمى أيضا سوسة الخشب .

قوله : { تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ } { تَأْكُلُ } ، جملة فعلية من موضع نصب على الحال أو مستأنفة{[3796]} والمنسأة ، العصا ، اسم آلة . من نسأت البعير إذا طردته ؛ لأنها يطرد بها . أي لم يُعلمهم بموت سليمان غير الأرضية ؛ إذ أكلتْ منسأته التي كان متوكئا عليها فسقط على الأرض . وبذلك استبان لهم أنه ميت وهو قوله : { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } أي لما سقط سليمان على الأرض وعلمت الجن بعد التباس الأمر عليهم أن سليمان قد مات تبين لهم أنهم لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون الناس بذلك ، ولو كانوا يعلمون الغيب فعلموا بموت سليمان لما لبثوا بعد موته في الأعمال الشاقة{[3797]} .


[3796]:الدر المصون ج 10 ص 163
[3797]:روح المعاني ج 22 ص 122 وتفسير النسفي ج 3 ص 321