غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

1

فلما دنا أجله لم يصبح إلا رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله عز وجل فيسألها لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة فسألها لأيّ شيء أنت ؟ فقالت : لخراب هذا المسجد . فقال : ما كان الله ليخربه وأنا حيّ . فقال : اللهم عمّ على الجن موتي حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب . وقال لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني . فقال : مرت بك وقد بقيت في عمرك ساعة . فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب ؟ فقام يصلي متكئاً على عصاه فقبض روحه فبقي كذلك وظن جنوده أنه في العبادة فكانوا يواظبون على الأعمال الشاقة إلى أن أكلت الأرضة عصاه فخرّ ميتاً وذلك بعد سنة . والأرض مصدر أرضت الخشبة أرضاً إذا أكلتها الأرضة . والمنسأة العصا لأنه ينسأ بها أي يطرد ويؤخر ، وقد يترك همزها . وقرئ { من سأته } أي طرف عصاه سميت بسأة القوس على الاستعارة . وتبينت بمعنى ظهرت " وأن " مع صلتها بدل من الجن بدل الاشتمال على نحو قولك " تبين زيد جهله " أو هو بمعنى علمت أي علم الجن كلهم بعد التباس الأمر على عامتهم أن كبارهم لا يعلمون الغيب وكان ادعاؤهم ذلك من قبل زوراً . أو المراد التهكم بهم وأن الذين ادعّوا منهم علم الغيب اعترفوا بعجزهم مع أنهم كانوا من قبل عارفين عجزهم كما لو قلت لمدعي الباطل إذا دحضت حجته : هل تبينت أنك مبطل . وأنت تعلم أنه لم يزل متبيناً لذلك . وكان عمر سليمان ثلاثاً وخمسين سنة ، ملك وهو ابن ثلاث عشرة وبقي في ملكه إلى أن مات ، وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه .

/خ21