جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

{ فلما قضينا عليه } أي : على سليمان ، { الموت{[4141]} ما دلهم } أي : الجن ، { على موته إلا دابة الأرض } : الأرضة ، { تأكل منسأته } : عصاه ، { فلما خرّ } سليمان ، { تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } ، كان من عادته أنه يعتكف في مسجد بيت المقدس وسنتين وأقل وأكثر ، لما علم قرب أجله قال : اللهم غم موتى على الجن حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب ، ثم دخل المحراب واتكأ على عصاه وقبضه ملك الموت والجن يرونه قائما يحسبونه حيا وهم في أعمالهم الشاقة ، فلما أكلت الأرضة عصاه خر سليمان فعلمت الجن أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة نحوا من سنة فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين في أي موضع{[4142]} هي فيه ، وتبين إما بمعنى ظهر لازم فيكون أن مع صلتها بدل اشتمال من الجن كما تقول تبين زيد جهله أي : ظهر جهل الجن للإنس ، وإما متعد أي : علموا أنهم كانوا كاذبين في ادعاء علم الغيب ، ولو علموا لعلموا موته حين وقع فلم يلبثوا في الأعمال الشاقة التي هي العذاب المهين بعد مدة ،


[4141]:أي: أنفذنا عليه ما قضينا في الأزل من الموت وأوقعناه عليه / 12 وجيز.
[4142]:كذا روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس وغيره هذا ما في الوجيز وبمعنى هذه القصة نقل صاحب الفتح وعزاها إلى البزار، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني وابن السني وغيرهم ذكر أهل التاريخ أن سليمان ملك، وهو ابن ثلاث عشرة سنة وبقي في الملك مدة أربعين سنة، وشرع في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين في ملكه، وتوفي وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وقيل إن داود أسس بناء بيت المقدس في موضع فسطاط موسى، فمات قبل أن يتمه فوصى به إلى سليمان فأمر الشياطين بإتمامه، فلما بقي من عمره سنة سأل ربه أن يعمي عليهم موته حتى يفرغوا عنه ولتبطل دعواهم علم الغيب / 12 فتح.