تفسير الأعقم - الأعقم  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

{ فلما قضينا عليه الموت } أوجبنا عليه الموت على سليمان { ما دلهم على موته } أي ما دل الجن على موت سليمان { إلا دابة الأرض تأكل منسأته } أي عصاه { فلما خرّ } سقط { تبيّنت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } وقرأ ابن مسعود : تبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ، وروي أنه كان من عبادة سليمان أن يعتكف في بيت المقدس المدد الطوال ، فلما دنا أجله لم يصبح إلاَّ رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله سبحانه فسألها لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا ، حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة ، فسألها فقالت : نبتّ لخراب هذا المسجد ، فقال : ما كان الله ليخربه وأنا حيٌ أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس ، فنزعها وغرسها في حائط له وقال : اللهم عمّ على الجن موتي حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب ، وقال لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني ، فقال : أمرت بك وقد بقي من عمرك ساعة ، فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب ، وقام يصلي متكئاً على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها ، فمر به شيطان فلم يسمع صوته ، فنظر فإذا سليمان قد خرّ ميتاً ، ففتحوا عليه فإذا العصا قد أكلتها الأرضة ، وأرادوا أن يعرفوا ذلك فوضعوا الأرض على العصا فأكلت منها يوم وليلة مقداراً فحسبوه فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيّاً ، فأيقن الناس أنهم لو علموا الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة ، وروي أن سليمان ملك الأمر وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، فبقي في ملكه أربعين سنة ، ثم ذكر ما أنعم به على سبأ وكانوا بنعمة ، وروي أن الله بعث اليهم ثلاثة عشر نبياً يدعونهم إلى الله تعالى ويذكرونهم نعمته عليهم فكذبوهم .