تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَلَمَّا قَضَيۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ٱلۡغَيۡبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ} (14)

{ فلما قضينا عليه } على سليمان { الموت } وذلك أن سليمان ، عليه السلام ، كان دخل في السن وهو في بيت المقدس { ما دلهم } ما دل الجن { على موته } على موت سليمان { إلا دابة الأرض } يعني الأرضة ، وذلك أن الجن كانوا يخبرون الإنس أنهم يعملون الغيب الذي يكون في غد فابتلوا بموت سليمان ببت المقدس ، وكان داود أسس بيت المقدس موضع فسطاط موسى ، عليه السلام ، فمات قبل أن يبنى فبناه سليمان بالصخر والقار ، فلما حضره الموت قال لأهله : لا تخبروا الجن بموتى حتى يفرغوا من بناء بيت المقدس ، وكان قد بقي منه عمل سنة ، فلما حضره الموت ، وهو متكئ على عصاه ، وقد أوصى أن يكتم موته ، وقال : لا تبكوا على سنة لئلا يتفرق الجن عن بناء بيت المقدس ففعلوا ، فلما بنوا سنة وفرغوا من بنائه سلط الله عز وجل عليه الأرضة عند رأس الحول على أسفل عصاه ، فأكلته فذلك قوله :{ تأكل منسأته } أسفل العصا فخر عند ذلك سليمان ميتا ، فرأته الجن ، فتفرقت ، فذلك قوله عز وجل :{ فلما خر } سليمان { تبينت الجن } يعني تبينت الإنس { أن لو كانوا } الجن { يعلمون الغيب } يعني غيب موت سليمان { ما لبثوا } حولا { في العذاب المهين } آية والشقاء والنصب في بيت المقدس ، وإنما سموا الجن لأنهم استخفوا من الإنس ، فلم يروهم .