{ ردوها علي } أي أعيدوا عرض الخير مرة أخرى . { فطفق مسحا بالسوق والأعناق } أي شرع يضرب سوقها وأعناقها بالسيف قربة لله تعالى ؛ وكان تقريب الخيل مشروعا في شريعته .
وقيل : المراد بالمسح وسمها لتعرف أنها خيل محبوسة في سبيل الله . وقال الإمام في تفسير الآية : إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في شريعتهم ، كم هو مندوب في شريعتنا ؛ ثم إن سليمان احتاج إلى الجهاد ، فأمر بإحضار الخيل وإعدائها ، قال ، إني أحبها لأجل الدنيا وحظّ النفس ، وإنما أحبها لأمر الله وتقوية دينه ؛ وهو المراد لقوله : " عن ذكر ربي " . ثم أمر باعدائها حتى توارت بالحجاب ، ثم بردّها إليه ؛ فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها ، عناية بها لكونها من أعظم عدد الجهاد ، وإعلاما بأن من الحزم مباشرة الوالي الأمور بنفسه كلما استطاع ؛ لأنه كان أعلم الناس بأحوال الخيل ومحاسنها ، وعيوبها وأمراضها ، فكان يمسحها حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض . وقال : إن هذا هو الذي ينطبق عليه لفظ القرآن ، ولا يترتب عليه شيء من المحظورات . اه ملخّصا . ونقل الآلوسي عن الشعراني نحوه ، ثم بعد أن ناقش هذا التفسير قال : إنه وجه ممكن في الآية على بعد ، إذا قطع النظر عن الأخبار المأثورة .
ولما اشتد تشوف السامع إلى الفعل الذي أوجب له الوصف بأواب بعد سماع قوله في لومه نفسه ليجمع بين معرفة القول والفعل ، أجيب بقوله : { ردوها } أي قال سليمان عليه السلام : ردوا { عليّ } الخيول التي شغلتني . ولما كان التقدير : فردوها عليه ، نسق به قوله : { فطفق } أي أخذ يفعل ظافراً بمراده لازماً له مصمماً عليه واصلاً له معتمداً على الله في التقوية على العدو لا على الأسباب التي من أعظمها الخيل مفارقاً ما كان سبب ذهوله عن الذكر معرضاً عما يمكن أن يتعلق به القلب متقرباً به إلى الله تعالى كما يتقرب في هذه الملة بالضحايا { مسحاً } أي يوقع المسح - أي القطع - فيها بالسيف إيقاعاً عظيماً . ولما كان السيف إنما يقع في جزء يسير من العضوين أدخل الباء فقال : { بالسوق } أي منها { والأعناق * } يضربها ضرباً بسيف ماض وساعد شديد وصنع سديد يمضي فيها من غير وقفة أصلاً حتى كأنه يمسحه مسحاً على ظاهر جلودها كما يقال : مسح علاوته ، أي ضرب عنقه - والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.