صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ} (8)

{ دعا ربه منيبا إليه } راجعا إليه تعالى بالدعاء ، منصرفا عما كان يدعوه من دون الله وقت الرخاء .

{ ثم إذا خوله نعمة منه } أعطاه نعمة عظيمة تفضّلا منه سبحانه وملّكه إياها ؛ من التخويل ، وأصله إعطاء الخول ؛ أي العبيد والخدم . أو إعطاء ما يحتاج إلى تعاهده والقيام عليه ، ثم عمّم لمطلق الإعطاء .

{ وجعل لله أندادا } أمثالا ونظائر يعبدها من دون الله . جمع ند ، وهو المثل والنظير .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ} (8)

قوله تعالى : " وإذا مس الإنسان " يعني الكافر " ضر " أي شدة من الفقر والبلاء " دعا ربه منيبا إليه " أي راجعا إليه مخبتا مطيعا له مستغيثا به في إزالة تلك الشدة عنه . " ثم إذا خوله نعمة منه " أي أعطاه وملكه . يقال : خولك الله الشيء أي ملكك إياه ، وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد :

هنالك إن يُسْتَخْوَلُوا المالَ يُخْوِلُوا *** وإن يُسْأَلُوا يعطوا وإن يَيْسِرُوا يُغْلُوا

وخول الرجل : حشمه ، الواحد خائل . قال أبو النجم :

أعطى فلم يبخَلْ ولم يُبَخَّلِ *** كُومُ الذُّرَى من خَوَلِ المُخَوَّلِ

قوله تعالى : " نسي ما كان يدعو إليه من قبل " أي نسي ربه الذي كان يدعوه من قبل في كشف الضر عنه . ف " ما " على هذا الوجه لله عز وجل وهي بمعنى الذي . وقيل : بمعنى من كقوله : " ولا أنتم عابدون ما أعبد " [ الكافرون : 3 ] والمعنى واحد . وقيل : نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله عز وجل . أي ترك كون الدعاء منه إلى الله ، فما والفعل على هذا القول مصدر . " وجعل لله أندادا " أي أوثانا وأصناما . وقال السدي : يعني أندادا من الرجال يعتمدون عليهم في جميع أمورهم . " ليضل عن سبيله " أي ليقتدي به الجهال . " قل تمتع بكفرك قليلا " أي قل لهذا الإنسان " تمتع " وهو أمر تهديد فمتاع الدنيا قليل . " إنك من أصحاب النار " أي مصيرك إلى النار .