الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ} (8)

قوله تعالى : { وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه } – إلى قوله – { عذاب يوم عظيم }[ 9-13 ] .

أي : إذا مس الإنسان ضر في بدنه أو شدة أو ضيق استغاث بربه الذي خلقه في كَشْفِ ما نَزَلَ به{[58686]} ، تائبا{[58687]} إليه مما كان عليه قبل ذلك من الكفر والشرك{[58688]} . قال قتادة : منيبا إليه : مخلصا{[58689]} .

وقوله { ثم إذا خوله نعمة منه } أي : أعطاه عافية وفرجا مما نزل به .

يقال لمن أعطي غيره عطية : قد خوّله كذا وكذا .

وقوله : { ونسي ما كان يدعوا إليه من قبل } أي : ترك دعاءه الذي كان يدعو إلى الله من قبل أن يكشف ما كان به ، و( ما ) والفعل مصدر{[58690]} ، والمعنى : ترك كون الدعاء منه إلى الله عز وجل . ومن جعلها{[58691]} بمعنى ( الذي ) جعل ( ما ) لمن يعقل فيكون لله سبحانه{[58692]} .

والمعنى : ترك ما{[58693]} كان يدعو الله{[58694]} من قَبْل ِ كَشْفِ الضُّر عنه .

ثم قال تعالى : { وجعل لله أنداد } أي : شركاء . قال السدي : هذا كله في الكافر خاصة .

قال السدي : الأنداد هنا من الرجال يطيعونهم في معاصي الله جل ذكره . وقيل : لأنداد : الأوثان{[58695]} .

ثم قال : { ليضل عن سبيله } من ضم الياء ، فمعناه : فعل ذلك ليزيل الناس عن توحيد الله سبحانه والإقرار به{[58696]} والدخول في دينه{[58697]} ، ومن فتح الياء{[58698]} ، فمعناه : ليَضِلَّ في نفسه عن دين الله سبحانه .

والتقدير : إنه لما كان أمره لعبادة الأوثان يؤول إلى الضلال{[58699]} كان{[58700]} كأنه إنما فعل ذلك ليصير ضالا{[58701]} . وقد تقدم شرح هذا بأبين من{[58702]} هذا .

ثم قال تعالى : { قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار } أي : قل يا محمد لهذا الكافر ( لنعم الله ){[58703]} تمتع بكفرك إلى أن تستوفيَ أجلك إنك في الآخرة من الماكثين في النار .

وهذا لفظ معناه التهدد والوعيد ، مثل قوله : { فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر{[58704]} } .


[58686]:ساقط من (ح).
[58687]:(ح): تائب.
[58688]:(ح): والشرك به.
[58689]:وفي جامع البيان: قال قتادة: (منيبا إليه) مستغيثا به. 23/127.
[58690]:انظر: جامع البيان 23/128، والمحرر الوجيز 14/66.
[58691]:(ح): جعله.
[58692]:انظر: المحرر الوجيز 14/66.
[58693]:(ح): من.
[58694]:(ح): إليه.
[58695]:انظر: جامع البيان 23/128.
[58696]:(ح): عز وجل.
[58697]:(ح): (دينه جلت عظمته).
[58698]:اقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ليَضل) بفتح الياء، وقرأ الباقون بضمها.
[58699]:نظر: حجة القراءات 620، والمحرر الوجيز 14/66. (ح): الضلالة.
[58700]:في طرة (ح).
[58701]:(ح) ضلالا.
[58702]:فوق السطر في (ع).
[58703]:(ح): بنعم الله تعالى.
[58704]:الكهف آية 29.