صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

{ قلوبنا في أكنة } أغطية متكاثفة فلا تفقه ما تقول . جمع كنان . { وفي آذاننا وقر } صمم يمنع من استماع قولك . { ومن بيننا وبينك حجاب } ساتر وحاجز منيع يمنع التواصل بيننا . وهو تمثيل لنبوّ قلوبهم عن إدراك الحق وقبوله ، ومج أسماعهم له ، وامتناع موافقتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتباعد ما بين المذهبين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

{ وَقَالُوا } أي : هؤلاء المعرضون عنه ، مبينين عدم انتفاعهم به ، بسد الأبواب الموصلة إليه : { قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ } أي : أغطية مغشاة { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ } أي : صمم فلا نسمع لك { وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } فلا نراك .

القصد من ذلك ، أنهم أظهروا الإعراض عنه ، من كل وجه ، وأظهروا بغضه ، والرضا بما هم عليه ، ولهذا قالوا : { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } أي : كما رضيت بالعمل بدينك ، فإننا راضون كل الرضا ، بالعمل في ديننا ، وهذا من أعظم الخذلان ، حيث رضوا بالضلال عن الهدى ، واستبدلوا الكفر بالإيمان ، وباعوا الآخرة بالدنيا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

قوله تعالى : { وقالوا } يعني مشركي مكة ، { قلوبنا في أكنة } في أغطية ، { مما تدعونا إليه } فلا نفقه ما تقول ، { وفي آذاننا وقر } صمم فلا نسمع ما تقول ، والمعنى : إنا في ترك القبول عندك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ، { ومن بيننا وبينك حجاب } خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول ، { فاعمل } أنت على دينك ، { إننا عاملون } على ديننا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

ولما أخبر عن إعراضهم ، أخبر عن مباعدتهم فيه فقال : { وقالوا } أي عند إعراضهم ممثلين لمباعدتهم في عدم قبولهم : { قلوبنا في أكنَّة } أي أغشية محيطة بها ، ولما كان السياق في الكهف للعظمة كان الأنسب له أداة الاستعلاء فقال { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة } وعبروا هنا بالظرف إبعاداً لأن يسمعوا { مما } أي مبتدئة تلك الأغشية وناشئة من الأمر الذي { تدعونا } أيها المخبر بأنه نبي { إليه } فلا سبيل له إلى الوصول إليها لنفيه أصلاً . ولما كان القلب أفهم لما يرد إليه من جهة السمع قالوا : { وفي آذاننا } التي هي أحد الطرق الموصلة إلى القلوب { وقر } أي ثقل قد أصمها عن سماعه { ومن بيننا وبينك } أي ومبتدئ من الحد الذي فصلك منا والحد الذي فصلنا منك في منتصف المسافة قي ذلك { حجاب } ساتر كثيف ، فنحن لا نراك لنفهم عنك بالإشارة ، فانسدت طرق الفهم لما نقول { فاعمل } أي بما تدين به . ولما كان تكرار الوعظ موضعاً للرجاء في رجوع الموعوظ قطعوا ذلك الرجاء بالتأكيد بأداته ، وزادوه بالنون الثالثة والتعبير بالاسمية فقالوا : { إننا عاملون * } أي بما ندين به فلا مواصلة بيينا بوجه ليستحي أحد منا من الآخر في عمله أو يرجع إليه ، ولو قال { وبيننا } من غير { من } لأفهم أن البينين بأسرهما حجاب ، فكان كل من الفريقين ملاصقاً لبينه ، وهو نصف الفراغ الحاصل بينه وبين خصمه ، فيكون حينئذ كل فريق محبوساً بحجابه لا يقدر على عمل فينا في ما بعده أو يكون بينهما اتصال أقله بالإعلام بطرق من أراد من المتباينين الحجاب ، فأفادت " من " التبعيض مع إفادة الابتداء ، فإنهم لا يثبتون الحجاب في غير أمور الدين .