تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

الآية 5 وقوله تعالى : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ } لا شك أن قلوبهم على ما ذكروا أنها في أكِنّة ، وفي آذانهم وقرًا ، لأنه ذكر جل ، وعلا ، أنه جعل على قلوبهم أكنّة وفي آذانهم وقرا حين{[18395]} قال : { وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا } [ الأنعام : 25 و . . . ] على ما أخبروا أن قلوبهم في أكنّة وأغطية{[18396]} ، وفي آذانهم وقرا ، لا يفقهون ما يُدعَون إليه ، ولا يسمعون ذلك ، وإن كانوا يفقهون غيره ، ويسمعون ، لأنهم كذلك { وقالوا قلوبنا في أكنّة مما تدعونا إليه } .

وقوله تعالى : { وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } إن ثبت ما ذكر بعض أهل التأويل أن ثوبا رفعوا في ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : كن أنت يا محمد في جانب ، ونكون نحن في جانب آخر ، ونحوه من الكلام ، فهو ذلك ، وإلا احتمل أن يكون قوله : { ومن بيننا وبينك حجاب } هو ما حجبتهم ظلمة الكفر ، وغطّتم ، عن فهم ما دعوا إليه وعلم ما دعاهم إليه محمد{[18397]} صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : اعمل أنت بدينك فإننا عاملون بديننا كقوله تعالى : { لكم دينكم ولي دين } [ الكافرون : 6 ] .

والثاني : فاعمل أنت في كيدنا فإنا عاملون [ في كيدكم والمكر بكم ، والله أعلم .

[ ويحتمل أن يقولوا : اعمل أنت لإلهك فإننا عاملون ]{[18398]} ، والله أعلم .


[18395]:في الأصل وم: حيث.
[18396]:في الأصل وم: وغطاء.
[18397]:من م، في الأصل: وعلم.
[18398]:من م، ساقطة من الأصل.