مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ } أغطية جمع كنان وهو الغطاء { مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } من التوحيد { وَفِى ءَاذَانِنَا وَقْرٌ } ثقل يمنع من استماع قولك { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } ستر . وهذه تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن تقبل الحق واعتقاده كأنها في غلف وأغطية تمنع من نفوذه فيها ومج إسماعهم له كأنه بها صمماً عنه ، ولتباعد المذهبين والدينين كأن بينهم وماهم عليه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو عليه حجاباً ساتراً وحاجزاً منيعاً من جبل أو نحوه فلا تلاقي ولا ترائي { فاعمل } على دينك { إِنَّنَا عاملون } على ديننا أو فاعمل في إبطال أمرنا إننا عاملون في إبطال أمرك . وفائدة زيادة «من » أن الحجاب ابتداء منا وابتدأ منك ، فالمسافة المتوسطة لجهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها ، ولو قيل بينا وبينك حجاب لكان المعنى أن حجاباً حاصل وسط الجهتين .