الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا} (15)

ثم قال : { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } [ 15 ] .

أي : من استقام{[40601]} على طريق الحق فليس ينفع إلا نفسه لأنه يوجب لها رضوان الله [ عز وجل

]{[40602]} ودخول جنته . { ومن ضل } أي : ومن جار{[40603]} أي : عن قصد{[40604]} الحق فليس يضر إلا نفسه لأنه يوجب لها غضب الله [ سبحانه ]{[40605]} ودخول النار [ أعاذنا الله منها{[40606]} ]{[40607]} .

وتقديره من اهتدى فإنما يكسب أجر هدايته لنفسه : ومن ضل فإنما يكسب إثم ضلالته لنفسه وهو مثل قوله : { إن أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } [ 7 ] [ وهو ]{[40608]} مثل قوله : { ولا تزر وازة وزر أخرى } [ 15 ] .

ويروى أنها نزلت في أبي سلمة /بن الأسود آمن ، وفي الوليد بن المغيرة بقي على كفره . وكان{[40609]} الوليد بن المغيرة يقول : اتبعوني وأنا أحمل أوزاركم . فأنزل الله ، جل ذكره : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [ 15 ]{[40610]} . والآية عامة في كل مؤمن وكافر .

ثم قال : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [ 15 ] .

أي : لا يحمل أحد ذنب غيره . وقال " وازة " بمعنى نفس وازرة . وقيل معناه : لا يعمل{[40611]} أحد بذنب لأن غيره قد عمل به كما قال الكفار .

{ إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم{[40612]} مهتدون{[40613]} }{[40614]} .

ثم قال تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [ 15 ] .

أي : لا نهلك قوما إلا بعد الأعذار إليهم بالرسل{[40615]} . وقال قتادة : إن الله [ عز وجل ]{[40616]} ليس يعذب أحدا حتى يسبق من الله إليه{[40617]} خبر ، أو تأتيه{[40618]} [ عز وجل ]{[40619]} بينة{[40620]} .

وقال أبو هريرة : إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة ، والأبكم ، والأخرس{[40621]}

والشيوخ ، الذين لم يدركوا الإسلام فأرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار . فيقولون [ كيف ]{[40622]} ولم يأتنا رسول ؟ قال : ولو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما فيرسل الله [ عز وجل ]{[40623]} إليهم [ رسولا ]{[40624]} فيطيعه من كان يريد أن يطيعه . ثم قرأ{[40625]} أبو هريرة : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [ 15 ]{[40626]} .

وقيل : معناه ما كنا معذبين أحدا في الدنيا بالإهلاك حتى نبعث رسولا يبين لهم بأي شيء يعذبهم الله [ سبحانه ]{[40627]} وبأي شيء يدخلهم{[40628]} الله الجنة .

وهذا قول حسن ، لأن الآخرة ليست بدار تعبد ، فيبعث الله فيها{[40629]} إلى أحد رسولا ، أعلمنا الله أنه لا يعاجل أحدا بعذاب الدنيا إلا بعد إنذار برسول . فأما عذاب الآخرة فإنه يحل{[40630]} على من كفر بالتوحيد ، وإن لم يأته رسول ، لأن الله جل ذكره قد نصب دلالات ، وعلامات ، تدل على توحيده كل الخلق . فمن كفر ولم تنفعه تلك الدلالات والآيات دخل النار وإن لم يأته رسول . فإنما تأتي الرسل بالشرائع والتحريض على التوحيد الذي قد نصب الله [ عز وجل ]{[40631]} عليه الدلالات والعلامات .


[40601]:ق: "يستقيم".
[40602]:ساقط من ق.
[40603]:ق : "جرا".
[40604]:ط : طريق.
[40605]:ساقط من ق.
[40606]:ساقط من ط.
[40607]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/53.
[40608]:ساقط من ط.
[40609]:ق: "وكان وكان".
[40610]:وهذا القول مروي عن ابن عباس، انظر: الجامع 10/151.
[40611]:ق : "لا يعير".
[40612]:ط: أثرهم.
[40613]:الزخرف: 23.
[40614]:وهو قول الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/131.
[40615]:وهو قول ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/54.
[40616]:ساقط من ق.
[40617]:ط: "إليه من الله".
[40618]:ق : "يأتيه".
[40619]:ساقط من ق.
[40620]:انظر: قوله في جامع البيان 15/54.
[40621]:ق: "الأخرص".
[40622]:ساقط من ق.
[40623]:ساقط من ق.
[40624]:ساقط من ق.
[40625]:ق: "الأخرص".
[40626]:انظر: قوله في جامع البيان 15/54، والجامع 10/152.
[40627]:ساقط من ق.
[40628]:ط: "أدخلهم".
[40629]:ق : "منها".
[40630]:ق: "يحمل".
[40631]:ساقط من ق.