الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا} (18)

ثم قال : { وتحسبهم أيقاظا وهم رقود } [ 18 ] .

أي : تظنهم يا محمد لو رأيتهم أيقاظا ، أي : أعينهم مفتوحة فتظنهم لذلك منتبهين{[42400]} . وقيل : إنما ذلك لكثرة تقلبهم ، تحسبهم منتبهين{[42401]} .

{ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } [ 18 ] .

أي : نقلبهم في حال رقادهم مرة للجنب اليمين ومرة للجنب الأيسر{[42402]} . قال أبو عياض : وكان لهم في كل عام تقلبتين{[42403]} .

ثم قال : { وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد } [ 18 ] .

يعني : كلبا كان معهم للصيد{[42404]} . وقيل : هو إنسان من الناس كان طباخا لهم تبعهم{[42405]} .

والوصيد : فناء{[42406]} الكهف ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، ومجاهد ، والضحاك وقتادة{[42407]} : وعن قتادة : " الوصيد " : الصعيد والتراب{[42408]} . وعن ابن عباس أيضا : الوصيد الباب{[42409]} ، وقيل : الوصيد العتبة{[42410]} ، وقيل الوصيد فناء الباب ، وسمي الباب وصيدا : لأنه يطبق . من قولهم : أوصدت الباب : إذا أطبقته ، فهو في هذا القول : فعيل{[42411]} بمعنى مفعل . كأنه قال : باسط ذراعيه بالوصيد أي بالمطبق{[42412]} يقال : [ أصدت الباب{[42413]} و ] أوصدته إذا أطبقته فهو موصد تهمز ولا تهمز{[42414]} .

ثم قال : { لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا } [ 18 ] .

أي : لو رأيتهم{[42415]} [ في رقدتهم ]{[42416]} لهربت منهم خوفا ولملئ قلبك رعبا منهم{[42417]} . وذلك لما كان الله ألبسهم من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد ولا تلمسهم يد ، حفظا منه لهم حتى يبلغ الكتاب فيهم أجله{[42418]} ، وتوقظهم{[42419]} من رقدتهم قدرته{[42420]} في الوقت الذي يريد ، ليجعلهم عبرة{[42421]} لمن شاء{[42422]} من خلقه . وآية لمن أراد الاحتجاج بهم عليه{[42423]} ومن خلقه { ليعلموا{[42424]} أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب{[42425]} فيها } [ 21 ] .

وقيل معناه : لوليت منهم فرارا ولملئتنهم رعبا من كثرة شعورهم وكبر أظفارهم ، إذ قد مر عليهم زمان طويل وهم أحياء نيام . فطالت شعورهم وعظمت أظفارهم .


[42400]:انظر هذا القول: في معاني الزجاج 3/174.
[42401]:انظر هذا القول: في معاني الزجاج 3/274، والجامع 10/240.
[42402]:وهو قول: ابن جرير، انظر جامع البيان 15/213.
[42403]:انظر قوله: في جامع البيان 15/213، والجامع 10/241 وفيه نسب القول لأبي هريرة.
[42404]:ق: "للوصيد".
[42405]:ذكر هذين القولين: ابن جرير في جامع البيان 15/214.
[42406]:ق: "بناء".
[42407]:انظر قولهم في: معاني الفراء 2/137، وغريب القرآن 264، وجامع البيان 15/214، والجامع 10/263، والدر 5/373.
[42408]:ينسب هذا القول: لابن عباس وابن جبير وعمرو، انظر: جامع البيان 15/214.
[42409]:انظر قوله: في غريب القرآن، 264، وجامع البيان 15/214، والجامع 10/243 والدر 5/373.
[42410]:وهو قول: عطاء، انظره في غريب القرآن 264 والجامع 10/374.
[42411]:ق: "بعيل".
[42412]:ط: "بالباب المطبق".
[42413]:ساقط من ط.
[42414]:انظر جامع البيان 14/214.
[42415]:ساقط من ق.
[42416]:ساقط من ق.
[42417]:ق: "قلبك".
[42418]:ق: "منهم رعبا".
[42419]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/215.
[42420]:في النسختين "يوقظهم".
[42421]:ط: "غيره".
[42422]:ط: "يشاء".
[42423]:ق: "الاحتجاج به عليهم".
[42424]:ط: وليعلموا.
[42425]:ق: "أنية لا ريب".