{ ثم ننجي الذين اتقوا }[ 72 ] .
أي : اتقوا الشرك ، وآمنوا بالبعث ، فهي مخصوصة فيمن تقدم ذكره على هذا القول .
وقيل : هي عامة . والمعنى : ما منكم أحد إلا يرد جهنم . كان ذلك على ربك يا محمد{[44551]} قضاء مقضيا في أم الكتاب .
وقال ابن مسعود وقتادة معناه : قضاء واجبا{[44552]} .
قال ابن عباس{[44553]} : الورود ، الدخول . واحتج بقوله تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } وبقوله تعالى : { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } وقال محتجا للدخول : دخل هؤلاء ؟ أم لا ؟ وقاله{[44554]} ابن جريج{[44555]} .
وقاله ابن عباس : يردها البر{[44556]} والفاجر{[44557]} .
وقيل : إنهم يردونها وهي خامدة .
وعن كعب{[44558]} أنه قال : تمسك النار للناس كأنها متن أهالة{[44559]} ، حتى تستوي عليها أقدام الخلق ، برهم وفاجرهم . ثم ينادي بها مناد{[44560]} امسكي أصحابك ودعي أصحابي ، فتخسف بكل ولي{[44561]} لها . فلهي أعلم بهم من الرجل بولده . وخرج{[44562]} المؤمنون ندية ثيابهم{[44563]} .
وقال كعب : ما بين منكبي الخازن من خزنة جهنم مسيرة سنة{[44564]} .
وقال ابن مسعود : الورود : الدخول{[44565]} .
وقال قتادة : هو الممر عليها{[44566]} .
وقيل : الورود هو الجواز على الصراط . والصراط على شفير جهنم مثل حد السيف . فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة ، كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم . ثم يمرون ، والملائكة يقولون : اللهم سلم سلم .
وعن ابن عباس{[44567]} ، أن الورود الدخول ، ولكن المخاطبة للكفار خاصة . وكذلك قال عكرمة{[44568]} .
وقال ابن زيد : الورود عام ، للمسلم والكافر{[44569]} ، إلا أن{[44570]} ورود المؤمن المرور{[44571]} . ودل على هذا أن ابن عباس وعكرمة قرآ{[44572]} : وإن منهم إلا واردها يريدان الكفار برد الهاء والميم على ما تقدم من ذكر الكفار .
وقرأ ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما{[44573]} : { ثم ننجي الذين } بفتح التاء . إلا أن عليا قرأ{[44574]} تَنحَّى بالحاء وكذلك قرأ ابن أبي ليلى{[44575]} بفتح التاء .
فورود المؤمن على الجسر{[44576]} بين ظهريها ، وورود الكافر الدخول . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الزالون والزالات يومئذ كثيرة وقد أحاط بالجسر سماطان{[44577]} من الملائكة ، دعواهم{[44578]} يومئذ يا الله سلم سلم " {[44579]} .
وقال مجاهد : ( الحمى حظ كل مسلم من النار ){[44580]} .
وقال أبو هريرة : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلا من أصحابه وعك ، وأنا معه .
فقال : إن الله جل ذكره يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون{[44581]} حظه من النار في الآخرة{[44582]} .
وقال السدي : يردونها كلهم ، ثم يصدر عنها المؤمنون بأعمالهم{[44583]} .
وروت حفصة ، {[44584]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إني لأرجو أن لا يدل النار{[44585]} أحد شهد بدرا والحديبية " قالت : فقلت : يا رسول الله ، أليس الله{[44586]} جل وعز يقول : { وإن منكم إلا واردها } ؟ قال لها : " ألم تسمعيه يقول : { ثم ننجي الذين اتقوا } " {[44587]} .
وقيل : المعنى : وإن منكم إلا وارد القيامة . وهذا{[44588]} اختيار الطبري{[44589]} ودل على هذا قوله : { لا يسمعون حسيسها }{[44590]} وقوله : { أولئك عنها مبعدون }{[44591]} .
ودل على هذا{[44592]} أيضا قوله تعالى / قبل الآية { فوربك لنحشرهم والشياطين } فالحشر إنما هو في القيامة .
وروى ابن وهب عن زيد بن أسلم أنه قال في تفسير الورود : ( وإن منكم يا أهل هذا القول إلا وارد جهنم ) يعني : الذين أنكروا البعث فقالوا : أئذا متنا لسوف مخرج أحياء{[44593]} إنكارا منهم بالبعث .
وقوله : { ثم ننجي الذين اتقوا } أي : ننجيهم من ورودها فلا يردونها .
وقيل : معناه : وإن منكم إلا يحضر جهنم ويعاينها ، لا يدخلها إلا من وجب عليه دخولها . ودليله قوله : { ولما ورد ماء مدين }{[44594]} فهو لم يدخل الماء ، إنما حضر قرب الماء وعاينه ، لم يدخله فكذلك هذا ، يحضرون كلهم جهنم ويعاينونها وينجي الله من دخولها المتقين{[44595]} وهو قوله تعالى : { ثم ننجي الذين اتقوا } .
ثم قال : { ثم ننجي الذين اتقوا }[ 72 ] .
أي : ننجي من النار بعد الورود الذين اتقوا الله وأدوا فرائضه ، واجتنبوا محارمه .
ثم قال : { ونذر الظالمين فيها جثيا } أي : وندعهم{[44596]} في النار بروكا على ركبهم . كذا قال قادة{[44597]} . وقال : إن الناس يردون جهنم وهي سوداء مظلمة ، فأما المؤمنون فأضاءت لهم حسناتهم فأنجوا منها ، وأما الكفار فأوبقتهم أعمالهم واحتبسوا بذنوبهم{[44598]} .
قال ابن زيد : لا يجلس الرجل جاثيا إلا عند كرب ينزل به{[44599]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.