قوله تعالى ذكره : { فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك }[ 10 ] إلى قوله : { بما تسعى }[ 14 ] .
أي : فلما{[44904]} أتى النار موسى ، ناداه ربه : يا موسى ، إني أنا ربك فاخلع نعليك .
قال وهب : خرج موسى نحو النار ، فإذا في شجرة من العليق{[44905]} . ( وبعض أهل الكتاب يقول في عوسجة ) فلما دنا ، استأخرت عنه ، فلما رأى تأخر عنه ، رجع وأوجس في نفسه خيفة ، فلما أراد أن يرجع دنت منه ثم كلم من الشجرة ، فلما سمع الصوت ، استأنس فقال له الله { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى } فخلعهما وألقاهما{[44906]} .
قال كعب : ( كانتا{[44907]} من جلد حمار ميت ، فأمر بخلهما ، وأراد الله أن يمسه القدس ، وكذلك قال عكرمة{[44908]} وقتادة{[44909]} .
وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كانت على موسى يوم كلمه الله جبة صوف ، وكساء صوف ، وسراويل صوف ، ونعلاه من جلد حمار غير ذكي{[44910]} .
وقال الحسن : كانت من جلد بقر ، ولكن الله تعالى أراد أن يباشر بقدميه{[44911]} بركة الأرض . وكان قد قدس الوادي مرتين{[44912]} . وكذلك قال ابن جريج{[44913]} . وهذا القول اختيار الطبري{[44914]} ، لأن الحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما من جلد حمار غير ذكي .
وقوله : { إنك بالواد المقدس }[ 11 ] .
وقال ابن عباس : ( المقدس ) : المبارك{[44915]} .
وقال مجاهد : { المقدس طوى } : بورك فيه مرتين{[44916]} .
ويروى{[44917]} أن موسى صلى الله عليه وسلم لما خرج من مدين{[44918]} ومعه امرأته بنت شعيب يريد مصر أخطأ الطريق ، وكان صلى الله عليه وسلم رجلا غيورا ، فكان يصحب الناس بالليل ، ولا يصحبهم بالنهار{[44919]} ، فأخطأ الطريق عند انفراده لما سبق في علم الله من أمره . فرأى نارا . فقال لأهله امكثوا ، إني أبصرت{[44920]} نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى . أي : من يهديني إلى الطريق ، وكانت ليلة مظلمة ، فلما توجه نحو النار فإذا النار في شجر عناب ، فوقف متعجبا من ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك{[44921]} الشجرة . فلا شدة النار تغير خضرة تلك{[44922]} الشجرة ، ولا كثرة ماء الشجرة يغير حسن ضوء النار . فلما أتى الشجرة سمع النداء ، يا موسى ، إني أنا ربك ، فاخلع نعليك ، وكانتا من جلد حمار ميت .
وقال ابن عباس/ : في معنى ( طوى ) أن موسى طواه الليل إذ مر به فارتفع إلى أعلى الوادي{[44923]} .
فيكون على هذا مصدرا عمل فيه ما هو من غير لفظه . كأنه قال : إنك يا موسى بالواد{[44924]} الذي طويته طوى : أي : تجاوزته فطويته بسيرك .
وقال قتادة : معناه : قدس مرتين ، أي طهره وهو قول الحسن{[44925]} .
وقال مجاهد وابن أبي نجيج : ( طوى ) اسم الوادي{[44926]} . وروي ذلك أيضا عن ابن عباس . وقاله ابن زيد{[44927]} .
وعن ابن عباس : أنه أمر من الله تعالى لموسى أن يطأ الوادي بقدمه{[44928]} . فالمعنى : اخلع نعليك . طأ الوادي .
وقال ابن جبير : معناه : طأ الأرض حافيا كما تدخل الكعبة حافيا . وكذلك روي أيضا عن مجاهد{[44929]} .
ومن فتح الهمزة في ( إني أنا ) فعلى تقدير : ( نودي بأني ) ومن كسرها فعلى الاستئناف ، لأن النداء وقع على{[44930]} موسى فاستؤنفت ( إن بعده فكسرت{[44931]} .
وقيل : كسرت لأنها حكاية بعدها .
معناه : القول ، لأن نؤدي مثل قيل .
ومن صرف ( طوى ) جعله اسما للوادي مذكرا ، فصرفه ، وجعله مصدرا .
والأكثر في المصدر من هذا أن يكون مكسور الأول{[44932]} مثل ثنى . ومن لم يصرفه جعله اسما للبقعة .
وقيل{[44933]} : هو معدول عن طاوي . كعمر{[44934]} ، معدول عن عامر ، وقد ذهب الكسائي في صرفه إلى أنه صرف لخفته . وكان حقه ألا ينصرف . ولكن سمع صرفه من العرب . وعلة قلة حروفه وخفته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.