قوله : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } فأسكنتن هاء الكناية على نية الوقف ، أو على التشبيه بهاء السكت .
وقد قيل : إن الهاء في قراءة الجماعة تعود على الأرض ، أي : طأ الأرض يا محمد برجليك{[44813]} في صلاتك ، والألف في طأ بدل من همزة ساكنة{[44814]} .
ومن قرأ ( طه ) بحذف الألف ، وإسكان الهاء فهو أمر بالوطء لكنه أبدل من الهمزة ألفا قبل الأمر ، ثم حذف الألف للأمر ، والهاء تعود على المكان على{[44815]} ما ذكرنا ، أو هي هاء سكت كما ذكرنا ، أو هي بدل من همزة ساكنة{[44816]} على{[44817]} ما قدمنا ، فهذه ثلاثة أقوال في الهاء في قراءة من قرأ ( طه ) بحذف الألف ، وإسكان الهاء ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال{[44818]} : " لي عند ربي جل وعز عشرة أسماء " فذكر منها " طه " و " يس " إسمان له .
قال ابن عباس : ( طه ) بالنبطية{[44819]} : يا رجل{[44820]} . وهو قول الضحاك{[44821]} .
وقال أبو صالح : هي بالنبطية أيطأ{[44822]} .
وقال ابن جبير : هي النبطية أيطه ، أي يا رجل{[44823]} .
وقال ابن جبير : طه بالسريانية : يا رجل . وهو قول قتادة{[44824]} .
وقال عكرمة : ( طه ) بالنبطية{[44825]} : يا إنسان{[44826]} .
وعن ابن عباس : أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم [ الله به ]{[44827]} .
وهذه الآية نزلت فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه من السهر والتعب والقيام بالليل .
قال الضحاك : كانوا يقومون حتى تتشقق ، أقدامهم ، فقال المشركون : ما نزل هذا{[44828]} القرآن إلا للشقاء{[44829]} . فأنزل الله تعالى ذكره : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } { إلا تذكرة لمن يخشى }{[44830]} .
أي : ما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى .
وقيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعب في صلاته ، ويقف على رجل واحدة ، فأنزل الله { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } .
قال مجاهد : هذا في الصلاة . قال : هي مثل قوله تعالى : { فاقرءوا ما تيسر منه }{[44831]} .
قال قتادة : ( أنزل الله كتابه ، وبعث رسوله رحمة ، رحم بها الله العباد{[44832]} ، ليتذكروا ، وينتفع رجل بما سمع منه{[44833]} .
ونصب تذكرة على البدل من ( لتشقى ){[44834]} .
وقيل{[44835]} : هي مفعول من أجله .
وقال الكوفيون{[44836]} : هي تكرير .
وقيل{[44837]} : من حروف{[44838]} الهجاء .
وقيل{[44839]} : هي حروف مقطعة ، يدل{[44840]} كل حرف منها على معنى ، وقد تقدم ذكر ذلك .
وقال الطبري{[44841]} : ( طه ) يا رجل ، لغة معروفة في عك{[44842]} . قال الشاعر{[44843]} :
هتفت بطه في القتال فلم يجب *** فخفت عليه أن يكون موائلا
وقال آخر{[44844]} :
إن السفاهة طه من خلائقكم *** لا بارك الله في القوم الملاعين
والتقدير{[44845]} على هذا : يا رجل ، ما أنزلن عليك القرآن لتشقى بإنزاله عليك . ولا يوقف على ( طه ) على هذا القول ، لأن النداء تنبيه على ما بعده . ومن جعلها{[44846]} افتتاحا وقف عليها ، وهو مذهب أبي حاتم .
ثم ابتدأ{[44847]} فخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } وكذلك لا يقف عليها على قول من جعلها قسما ، لأن القسم يحتاج إلى جواب ، وجوابه : { ما أنزلنا } .
وأجاز{[44848]} أبو حاتم الوقف على ( طا ) ويبتدئ ها . وليس عليه عمل عند أهل النقل من المقرئين .
وقيل{[44849]} : تقدير الكلام : ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة ، لا لتشقى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.