الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ} (39)

ثم قال تعالى : { وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله } أي : وما أعطى بعضهم بعضا ليرد الآخذ على المعطي أكثر مما أخذ منه فلا أجر فيه للمعطي لأنه لم يبتغ في إعطائه ثواب الله ، إنما ابتغى الازدياد من مال الآخذ ، فذلك حلال لكم ولا أجر لكم فيه{[54786]} .

وهو محرم على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بقوله تعالى { ولا تمنن تستكثر }{[54787]} أي : لا تعط عطية لتأخذ أكثر منها{[54788]} .

قال ابن عباس : هو الرجل يهدي الهدية فيطلب ما هو أفضل منها{[54789]} .

فليس له أجر ولا عليه إثم ، وهو معنى قول مجاهد{[54790]} والضحاك{[54791]} وقتادة{[54792]} .

وقيل : هو الرجل يعطي الرجل العطية ليخدمه ويعينه لا لطلب أجر{[54793]} .

وقيل : هو الرجل يعطي الرجل ماله ليكثر مال الآخذ لا للثواب{[54794]} .

وقيل : هو الربا المحرم{[54795]} .

ومعنى : { فلا تقربوا عند الله } عند من قال : هو المحرم ، لا يحكم به لأحد ، بل هو للمأخوذ منه .

قال تعالى : { وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المصعفون } أي : وماأعطيتم من صدقة تريدون بها ثواب الله لا الازدياد من مال الآخذ ولا الثناء عليها فأولئك الذين يكون لهم الأضعاف من الأجر ، يضاعف لهم الحسنات .

وقيل : المعنى يضاعف لهم الخير والنعيم{[54796]} .

ويلزم من قال هذا التفسير أن يكون اللفظ : { المصعفون } بفتح العين لأنهم مفعول بهم . لكن تحقيق المعنى مع كسر العين : فأولئك هم الذين أضعفوا لأنفسهم حسناتهم ، أي : هم المضعفون لأنفسهم الحسنات ، لأن من اختار عمل الحسنة فقد اختار عمل عشر حسنات لنفسه ، ويضاعف الله لمن يشاء أكثر من عشر على الحسنة الواحدة .


[54786]:يرى ابن العربي وكذلك القرطبي أن الربا نوعان: حلال وحرام فأما الحلال فهو المذكور في قوله تعالى: {وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله} الروم: آية 38 وأما الحرام فهو المذكور في قوله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا} البقرة: آية 274 أما السيوطي فيرى أن آية الروم نزلت في هبة الثواب. أي: أنه لا أجر لصاحبها ولا وزر عليه. انظر: أحكام ابن العربي 3/1419 والجامع للقرطبي 14/36، والإكليل للسيوطي 207.
[54787]:المدثر: آية 6
[54788]:انظر: الجامع للقرطبي 14/37
[54789]:انظر: جامع البيان 21/46، والمحرر الوجيز 12/263 وأحكام ابن العربي 1/1491 والجامع للقرطبي 14/36، وتفسير ابن كثير 3/435، والدر المنثور 6/495
[54790]:انظر: جامع البيان 21/46، وتفسير سفيان الثوري 237، والكشف والبيان 6/42، والجامع للقرطبي 14/36، وتفسير ابن كثير 38/435، والدر المنثور 6/495، وتفسير مجاهد 539
[54791]:انظر: جامع البيان 21/46، والكشف والبيان 6/42، والدر المنثور 6/495
[54792]:انظر: جامع البيان 21/46، والكشف والبيان 6/42، وتفسير ابن كثير 3/435
[54793]:هو قول زكريا بن عامر كما في جامع البيان 21/46
[54794]:هو قول ابن عباس وإبراهيم النخعي كما في جامع البيان 21/46
[54795]:انظر: الجامع للقرطبي 14/37 (وفيه هذا القول غير منسوب أيضا).
[54796]:المصدر السابق (وفيه هذا القول غير منسوب أيضا)