الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِي تُجَٰدِلُكَ فِي زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المجادلة

مدنية

قوله : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } {[67488]} إلى قوله : { إن الله سميع بصير } [ الآية 1 ] .

هذه الآية {[67489]} نزلت في خولة بنت ثعلبة ، وقيل اسمها خويلة {[67490]} .

وقيل اسم أبيها {[67491]} خويلد ، وقيل الصامت {[67492]} .

وقيل الذبيح ، وهي امرأة من الأنصار .

قال قتادة : كان زوجها أوس بن الصامت {[67493]} {[67494]} .

روي {[67495]} أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها تغسل شق رأسه/ ، فقالت يا رسول الله طالت صحبتي مع زوجي وظاهر مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه . وكان الظهار في الجاهلية طلاقا بائنا ، وكان بينها وبين زوجها قرابة {[67496]} فقالت أشكو إلى الله فاقتي إليه ، ثم جعلت تكرر عليه المسألة ويجاوبها بمثل ذلك ، فتقول أشكو إلى الله فاقتي إليه ، فنزل الوحي وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر ، فأومأت إليها [ عائشة ] {[67497]} أن اسكتي قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه أخذه مثل السبات فلما قضى الوحي قال اذهبي فادعي زوجك ، فدعته فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوله : { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } ثم قال له : أتستطيع رقبة ، قال لا ، فتلا عليه { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } ، فقال يا رسول الله إني إذا لم أكل في اليوم ثلاث مرات خشيت أن يعشو {[67498]} بصري ، فتلا عليه { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } ، ثم قال له أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا ، قال لا يا {[67499]} رسول الله إلا أن تعينني {[67500]} ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعم {[67501]} .

روى عروة بن الزبير قال ، قالت عائشة رضي الله عنها ، " الحمد لله الذي وسع {[67502]} سمعه الأصوات {[67503]} ، إن خولة {[67504]} تشتكي زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم {[67505]} فيخفى ( علي أحيانا بعض ما تقول ، فأنزل الله جل ذكره : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما } الآية {[67506]} {[67507]} .

وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : خولة في محاورتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أشكو إليك ذلك فهو قوله وتشتكي إلى الله . وروى أيضا عن عروة عن عائشة أنها قالت : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها ، إن المرأة لتناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم {[67508]} ، اسمع بعض كلامها ، ويخفى علي [ بعضه ] {[67509]} ، إذا أنزل عز وجل { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } {[67510]} الآية {[67511]} .

قال قتادة : أتت خويلة بنت ثعلبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي إليه زوجها أوس بن الصامت {[67512]} فقالت : يا رسول الله ظاهر مني حين كبرت سني ورق عظمي ، فأنزل الله عز وجل {[67513]} فيها ما تسمعون ، ثم تلا { قد سمع الله قول التي تجادلك {[67514]} } إلى قوله { لعفو غفور } {[67515]} {[67516]} .

وقوله : { ثم يعودون لما قالوا } [ 3 ] أي : يريد المظاهر يغشى ( امرأته بعدما ظاهر منها ) {[67517]} .

وروى أنه لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم {[67518]} أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال لا يا رسول الله إلا أن تعينني {[67519]} منك وصلاة/يريد ودعاء فأعانه ( رسول الله صلى الله عليه وسلم {[67520]} بخمسة عشر صاعا {[67521]} .

قال ابن عباس كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية : أنت علي كظهر أمي حرمت عليه ، فمضى ذلك في الإسلام ، وكان أول من ظاهر في الإسلام أوس وكانت تحته ابنة عم له يقال لها خولة بنت خويلد فظاهر منها ، فأسقط في يده فقال ما أراك إلا قد حرمت علي ، وقالت له مثل ذلك ، قال فأتت النبي صلى الله عليه وسلم {[67522]} فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه فأخبرته فقال يا خويلة ما أمرنا في أمرك بشيء فأنزل الله عز وجل {[67523]} على رسول الله صلى الله عليه وسلم {[67524]} قد سمع الله {[67525]} . . . الآيات ، فقال يا خويلة أبشري ، قالت خيرا ، فقرأ عليها { قد سمع الله } إلى قوله { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } {[67526]} ، قالت وأي رقبة لنا ، والله ما يجد {[67527]} رقبة غيري ، فقرأ عليها : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } فقالت : والله لو لا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات {[67528]} لذهب بصره ، فقرأ عليها { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } {[67529]} ، فقالت من أين ، ما هي أكلة إلى مثلها قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر وسق وست ثلاثين صاعا ، والوسق ستون صاعا ، فقال ليطعم ستين مسكينا وليراجعك {[67530]} .

وقال محمد بن كعب القرطي هي خولة بنت ثعلبة {[67531]} امرأة أوس بن الصامت ، وكان رجلا به لهم فقال {[67532]} في بعض هجراته : أنت علي كظهر أمي ، ثم ندم على ما قال فقال لها ما أظنك إلا قد حرمت علي ، فقالت لا تقل ذلك ، فوالله ما أحب طلاقا فقالت إئت رسول الله فسله {[67533]} ، فقال : إني أجدني أستحيي منه أن أسأله {[67534]} عن هذا ، قالت فدعني أنا

أسأله/ ، فقال ، فجاءت إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إن أوس بن الصامت أبو ولدي وأحب الناس إلي {[67535]} قد قال كلمة ، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا ، قال أنت علي كظهر أمي .

فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم {[67536]} ما أراك إلا قد حرمت عليه ، فقالت لا تقل ذلك يا نبي الله ، والله ما ذكر طلاقا ، فرادت النبي مرارا ، ثم قالت : اللهم إني أشكو [ اليوم ] {[67537]} إليك شدة حالتي ووجدي وما يشق علي من فراقه {[67538]} ، اللهم فأنزل على لسان نبيك ، فأنزل الله مكانها : قد سمع الله . . . الآيات {[67539]} .

وقوله : { وتشتكي إلى الله } هو ما شكت {[67540]} من تأسفها على فراق زوجها {[67541]} .

وقوله : { الله يسمع تحاوركما } أي : يسمع تحاور النبي وخولة .

{ إن الله سميع } {[67542]} أي : يسمع ما يتحاور به كل اثنين فأكثر .

{ بصير } بما يعملون ، فيجازيهم عليه يوم القيامة .


[67488]:ساقط من ع.
[67489]:ع: "الآيات".
[67490]:وهو قول عائشة رضي الله عنها في تفسير ابن كثير 4/319.
[67491]:ع: "ابنها": وهو تحريف.
[67492]:انظر: البحر المحيط 8/232.
[67493]:هو أوس بن الصامت، الأنصاري الخزرجي، بدوي أخو عبادة وهو الذي وهو الذي ظاهر من امرأته، قال ابن حبان مات أيام عثمان وله خمس وثمانون. انظر: تقريب التهذيب 1/85.
[67494]:انظر: جامع البيان 27/3.
[67495]:ع: "وروي".
[67496]:ساقط من ع.
[67497]:ساقط من ع.
[67498]:يغشو.
[67499]:ساقط من ح.
[67500]:ع : "يعينني" وهو تصحيف.
[67501]:أخرجه أبو داود – كتاب الطلاق – باب: الظهار 2/267. والمزي في تحفة الأشراف 11/297. وذكره ابن جرير في جامع البيان 28/3.
[67502]:ع: "وسمع" وهو تحريف.
[67503]:ع: "الأموات": وهو تحريف.
[67504]:ع: "خويلة".
[67505]:ع: "عليه السلام".
[67506]:ساقط من ع.
[67507]:أخرجه البخاري في كتاب التوحيد – باب: "وكان الله سميعا بصيرا" 8/267، وابن ماجة في كتاب الطلاق – باب: الظهار (رقم 2063) وأحمد في المسند 6/46، والحاكم في المستدرك 2/481. وانظر: تحفة الأشراف (رقم 16332).
[67508]:ساقط من ع.
[67509]:ع: "بعض". وح: "بعضها".
[67510]:ساقط من ع.
[67511]:انظر: جامع البيان 28/5، وأحكام ابن العربي 4/1747، وابن كثير 4/319.
[67512]:ع: "الصامة".
[67513]:ساقط من ع.
[67514]:ساقط من ع.
[67515]:ساقط من ع.
[67516]:انظر: جامع البيان 28/3، وأسباب: النزول 305.
[67517]:ع: "موته بعد ما ظاهرته منها": وهو تحريف.
[67518]:ساقط من ع.
[67519]:ع: "يعينني".
[67520]:ع: "النبي عليه السلام".
[67521]:أخرجه أبو داود – كتاب الطلاق –باب: الظهار 2/267، وذكره ابن جرير في جامع البيان 28/3. والواحدي في أسباب: النزول 305.
[67522]:ع: "عليه السلام".
[67523]:ساقط من ع.
[67524]:ع: "ورسوله".
[67525]:ساقط من ع.
[67526]:ع: "يتماسى".
[67527]:ع: "نجد"
[67528]:ع: "مراة".
[67529]:ع: "إلى مسكينا".
[67530]:انظر: جامع البيان 28/3، وابن كثير 4/321.
[67531]:ح: "ثعلب".
[67532]:ح: "يقال".
[67533]:ع: "فاسئله".
[67534]:ع: "اسئله"".
[67535]:ساقط من ع.
[67536]:ع: "عليه السلام".
[67537]:ساقط من ح.
[67538]:ح : "فراقي".
[67539]:انظر: جامع البيان 28/4.
[67540]:ع: "شكة" وهو خطأ.
[67541]:انظر: إعراب النحاس 4/371.
[67542]:ع: "إن الله سميع بصير".