الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

قوله : { ليميز الله الخبيث ( من الطيب ){[27406]} } ، إلى قوله : { سنت{[27407]} الاولين }[ 37 ، 38 ] .

المعنى : إن الله عز وجل ، يحشرهم ليميز الخبيث من الطيب ، أي : أهل السعادة من أهل الشقاء{[27408]} .

وقيل : المؤمن من الكافر ، فيجعل الخبيث بعضه على بعض{[27409]} . ( أي : يجعل الكافر{[27410]} بعضهم على بعض ، أي : فوق بعض ){[27411]} .

{ فيركمه جميعا }[ 37 ] .

أي : يجمعه بعضه إلى بعض{[27412]} . و " الركام " : المجتمع{[27413]} ، ومنه قوله في السحاب : { ثم يؤلف بينه } أي : يجمع المتفرق ، { ثم يجعله ركاما }{[27414]} ، أي : مجتمعا كثيفا{[27415]} .

{ فيجعله في جهنم }[ 37 ] .

أي : الخبيث فوحد اللفظ ليرده على الخبيث ، ثم جمع آخرا{[27416]} ردا على المعنى .

وقيل معنى : ليميز الخبيث من الطيب ، أي : ما أنفقه الكافرون في معصية الله سبحانه ، فيجمعه فيجعله في جهنم ، فيعذبون به . و{ الطيب } : ما أنفقه المسلمون في رضوان الله عز وجل{[27417]} .


[27406]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27407]:في الأصل: {سنت}، بالهاء وهو خلاف الرسم المتبع، انظر: المقنع 78.
[27408]:وهو تفسير ابن عباس في صحيفة علي بن أبي طلحة 253، وجامع البيان 13/535، وزاد المسير 3/356، وتفسير ابن كثير 2/307. وقرئ {ليميز} بالتخفيف والتشديد، قراءتان سبعيتان، كما في حاشية الصاوي على الجلالين 2/109، وهما لغتان: مزته وميزته. انظر: زاد المسير 3/355.
[27409]:وهو قول السدي في جامع البيان 13/535، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1699، وزاد المسير 3/356، وزاد نسبته إلى مقاتل، وتفسير ابن كثير 2/307، من غير: "فيجعل الخبيث بعضه على بعض".
[27410]:كذا في الأصل. وفي جامع البيان 15/535، الذي نقل عنه مكي: "الكفار".
[27411]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27412]:في معاني القرآن للزجاج 2/413: "والركم: أن يجعل بعض الشيء على بعض، ويقال: ركِمت الشيء أركمه ركما، والركام: الاسم". وبابه: نصر. المختار ركم.
[27413]:انظر: اللسان/ركم.
[27414]:النور: 42. ومستهلها: {ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله...} الآية.
[27415]:جامع البيان 13/535، بتصرف.
[27416]:في الأصل: أحد، وهو تحريف، وأثبت ما في "ر". وفي جامع البيان 13/335: "...فوحد الخبر عنهم لتوحيد قوله: {ليميز الله الخبيث}، ثم قال: {أولئك هم الخاسرون} فجمع، ولم يقل: "ذلك هو الخاسر"، فرده إلى أصل الخبر".
[27417]:هذا شبيه بتأويل الزجاج في معاني القرآن 2/412، انظر: زاد المسير 3/356، والبحر المحيط 4/488.