تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ} (3)

الآيتان1 3 : وقوله تعالى : { لإيلاف قريش } { إلافهم رحلة الشتاء والصيف } { فليعبدوا رب هذا البيت }{[24067]} هذا يخرج على وجوه : .

أحدها : ما قال الفراء : إن اللام لام الاعتدال ؛ لأن السورة صلة سورة : { ألم تر } قال : { فجعلهم كعصف مأكول } { لإيلاف قريش } كأنه يقول : أهلكت أصحاب الفيل ، وفعلت بهم ما فعلت لتأليف قريش بذلك المكان ، كما ألفوا به الرحلتين اللتين جعلنا لهم في الشتاء والصيف .

والثاني : يحتمل أن يقول : ألزمت الخلق عبادة رب هذا البيت ، وحملوا ما تحتاج إليه قريش وأهل ذلك المكان من الطعام ، وما يتعيشون به ، لتأليف قريش عبادة هذا البيت ما لولا ذلك لم يتهيأ لهم المقام بذلك المكان ؛ لأنه لا زرع فيه ، ولا نبات ، ولا ما يتعيش به ، وهو كما قال إبراهيم عليه السلام . { بواد غير ذي زرع } ( إبراهيم : 37 ) وإنما تعيشهم في ذلك المكان بما يحل إليهم من الآفاق والأمكنة النائية ، كقوله : { أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا } ؟ الآية ( القصص : 57 ) .

( والثالث : ){[24068]} قال بعضهم : أمرت قريش أن يألفوا عبادة رب هذا البيت بإيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، يقول : كما ألفتم هاتين الرحلتين ، فألفوا عبادة رب هذا البيت .

( والرابع : ){[24069]} قال بعضهم : إن أهل مكة كانوا يرتحلون تجارا آمنين في البلدان ، لا يخافون شيئا لحرمتهم ؛ لأن الناس يحترمونهم لمكان الحرم حتى لا يتعرض لهم بشيء ، ولا يؤذيهم أحد ، حتى إن كان الرجل منهم ليصاب في حي من الأحياء ، فيقال : هذا حرمي فيخلى عنه وعن ماله تعظيما لذلك المكان ، وهو ما قال : { وآمنهم من خوف } ( الآية : 4 ) .

( والخامس : {[24070]} ) قيل : إن العرب كان يغير بعضهم على بعض ، ويسبي بعضهم بعضا ، وأهل مكة كانوا آمنين في حرم الله تعالى ، كقوله تعالى : { أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم } ؟ ( العنكبوت : 67 ) فذكر عظيم نعمه عليهم ومنته ليعلموا ذلك أنه منه .


[24067]:ساقطة من الأصل وم
[24068]:في الأصل وم: و
[24069]:في الأصل وم: و
[24070]:في الأصل وم: و