تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا تَسۡـَٔلُهُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (104)

وقوله تعالى : ( وما تسألهم عليه من أجر ) أي على ما تبلغ إليهم ، وتدعوهم إلى طاعة الله وجعل العبادة له وتوجيه الشكر إليه ، لا تسألهم على ذلك أجرا . فما الذي يمنعهم عن الإجابة لك والائتمار بأمرك ؟

هذا يدل أنه لا يجوز أخذ الأجر على الطاعات والعبادات [ حين نهاه ، وأمره أن ][ في الأصل وم : حيث نهى وأخبر أنه ] لا يسألهم على ما يبلغهم[ في الأصل وم : يبلغ إليهم ] أجرا ، وهو لم يتول تبليغ جميع ما أمره[ في الأصل وم : أمر ] بتبليغه بنفسه إلى الخلق كافة بقول : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس )الآية[ سبأ : 28 ] . ولكنه [ تولى التبليغ إلى البعض وولى البعض غيره بقوله صلى الله عليه وسلم ][ في الأصل وم : ولى بعضه غيره كقوله تعالى ] : «ألا فليبلغ الشاهد الغائب »[ البخاري105 ] .

[ فإنه إذا ][ في الأصل وم : فإذا ] لم يجز له أخذ الأجر فيما يبلغ هو فالذي كان مأمورا أن يبلغ عنه أيضا لا [ يجيز له ][ في الأصل وم : يجوز ] أن يأخذ الأجر [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] ما يبلغ .

وفي قوله تعالى : ( وما تسألهم عليه من أجر ) وجهان :

أحدهما : أنه ليس يسألهم على الذي يبلغه ، ويدعوهم [ إليه ][ ساقطة من الأصل وم ] أجرا حتى يمنع بذل ذلك وثقله عن الإجابة .

والثاني : إخبار أن ليس له أن يأخذ وأن يجمع من الدنيا شيئا كقوله تعالى : ( لا تمدن عينيك )الآية[ الحجر : 88 ] .

ومعلوم أنه ( لا تمدن عينيك إلى ما ) لا يحل ، فيكون النهي [ عن أخذ غير ][ في الأصل وم : من أخذ ] المباح .

وقوله تعالى : ( إن هو إلا ذكر للعالمين ) أي هذا القرآن الذي تبلغهم ليس إلا ذكرى للعالمين ، وهو عظة للعالمين أو هو نفسه عظة وذكر للعالمين ؛ أعني النبي صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : ( إن هو إلا ذكر للعالمين ) أي شرف وذكرى لمن اتبعه ، [ وقام به ][ في الأصل وم : وما قام ] ، وهو ما ذكر في آية أخرى : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب )[ ق : 37 ] وقوله : ( إن في ذلك لآية للمؤمنين )[ الحجر : 77 ] أي منفعة لمن اتبعه ، فعلى ذلك هذا .