تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (38)

وقوله تعالى : ( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ ) قال في الآية الأولى : ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ) وأخبر أنهم ( كافرون )[ الآية : 37 ] بالله وباليوم الآخر [ وفيه أن من لم يؤمن بالله واليوم الآخر ][ من م ، ساقطة من الأصل ] فهو كافر .

فهذا ينقض على المعتزلة [ قولهم حين ][ في الأصل وم : حيث ] جعلوا بين الكفر والإيمان رتبة ثالثة ، ويوسف يخبر أن من لم يؤمن بالله [ واليوم الآخر ][ ساقطة من الأصل وم ] فهو كافر . وهم يقولون : صاحب الكبيرة غير مؤمن بالله ، وهو ليس بكافر .

ثم أخبر أنه ترك ملة أولئك الذي لا يؤمنون بالله ، واتبع ملة آبائه إبراهيم ومن ذكر . ثم أخبر عن ملة آبائه ، وهي[ في الأصل وم : وهو ] ما ذكر : ( ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ) عرفهم ملة آبائه ودينهم ، وهو ترك الإشراك بالله ، وجعل الألوهية له ، وصرف العبادة إليه .

وفيه أن الملة ليست إلا ملتين : ملة كفر وملة [ إسلام ][ في م : الإسلام ، ساقطة من الأصل ] وأخبر أن من لم يكن في ملة الإسلام كان في ملة الكفر ، ثم خص بالذكر هؤلاء إبراهيم وإسحاق ويعقوب لأن هؤلاء كانوا مكرمين عند الناس كافة ، كل أهل الدين يدعون أنهم على دين أولئك ، فأخبر أنهم على دين الإسلام .

والحنيف المخلص ليس ما تزعمون [ أنه غير مسلم ][ في الأصل وم : أنهم ] ولهذا قال : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين )[ آل عمران : 67 ] .

وفي قوله : ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ) دلالة أن الكفر كله ملة واحدة حين[ في الأصل وم : حيث ] أخبر أنه ترك ( ملة قوم لا يؤمنون بالله ) على اختلاف مذاهبهم .

وقوله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ ) أي ذلك الدين والملة التي أنا عليها وآبائي ( من فضل الله علينا وعلى الناس ) لأنه عز وجل فطر الناس على الفطرة ، يعرفون وحدانية الله وربوبيته بعقول ، ركب فيهم ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) فضل الله وما ركب فيهم من العقول . أو ذلك الدين والهداية الذي أعطاهم من فضل الله ، لكن الناس يتركون ذلك [ الدين ][ ساقطة من الأصل وم ] وتلك الهداية ، والله أعلم .