تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (15)

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) قد ذكرناه .

وقوله تعالى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) يحتمل قوله : ( وأوحينا إليه ) وحي نبوة أو وحي بشارة النجاة من ذلك الجب أو بشارة الملك له والعز .

ثم قوله تعالى : ( لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) هو قول يوسف حين[ في الأصل وم : حيث ] قال لهم : ( قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ) الآية[ الآية : 89 ] ( قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي )[ يوسف : الآية ] هذا الذي نبأهم يوسف ( وهم لا يشعرون ) بذلك .

ويشبه أن يكون قوله : ( وأوحينا إليه ) أي إلى يعقوب ( لتنبئنهم بأمره هذا وهم لا يشعرون ) هو ما قاله لهم : ( يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) الآية [ الآية : 87 ] أمرهم أن يطلبوه ويتحسسوا من أمره ؛ كأنه علم أنه حي كقوله : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُون ) أنه حي .

ألا ترى أنه قال : ( إني لأجد ريح يوسف ) ؟ [ الآية : 94 ] ولهذا قال حين ألقي الثوب على وجهه ، وارتد بصيرا : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون )[ الآية : 86 ] وذلك تأويل قوله : ( وهم لا يشعرون ) إن كانت الآية في يعقوب ، وإن كانت في يوسف فهو ما ذكرناه والله أعلم .