تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ رَبَّكَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (30)

الآية30 : وقوله تعالى : { إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } ( يحتمل وجوها :

أحدهما : ){[10848]} هو يوسع الرزق على من يوسع ، وهو يقتر ، ويضيق على من يضيق ، ويفتر ، أي ذلك إلى الله تعالى ، لا إلى الخلق ، ليقطعوا الرجاء من الخلق ، ويروا ذلك من الله ، لا يرون من غيره .

والثاني : ذكر هذا ليديم{[10849]} الفضل لمن ذكر الفضل ( وقد بينه لهم حين ){[10850]}قال : { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفصيلا }( الإسراء : 21 ) .

ومن{[10851]} الناس من قال : بأن قوله : { إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر }صلة قوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط }( الإسراء : 29 )يقول : والله أعلم . إنك إن منعته ، وحرمته ، وكان في تقديره التضييق والتقتير ، لم ينفعه بسطك ولا توسيعك ، ليعلموا أن التوسيع والبسط والتضييق والمنع من الله .

أو{[10852]} ذكر هذا ليقطعوا الرجاء من الخلق ، ويطمعوا في رحمته وفضله ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } أي عالما بأعمالهم { بصيرا } بمصالحهم ومالهم وما عليهم ، أو يكون الخبير والبصير واحدا . أو ذكر هذا ليعلم أنه على علم بما يكون منهم ( من إنشائهم ){[10853]} الخلاف لأمره والرد والتكذيب لرسله ، ولم يخرج فعله وإنشاؤه إياهم على علم بما يكون منهم عن الحكمة ، لأنه لا منفعة له في طاعتهم إياه وائتمارهم ، ولا مضرة ولا تبعة في خلافهم إياه ، بل المنفعة والمضرة في ذلك راجعة إليهم . لذلك كان إنشاؤه إياهم على علم بما يكون منهم حكمة ، ومن ملوك الأرض ( سفها وجهلا ){[10854]} ، لأن ما يرسلون من الرسل ، ويعلمون من الأعمال ، ويسعون ، لمنافع أنفسهم ولدفع مضارهم . فإذا فعلوا شيئا يضرهم على علم منهم بالضرر كان ذلك سفها ، والله أعلم .


[10848]:في الأصل و.م: أي.
[10849]:في الأصل و.م: ليدوم.
[10850]:في الأصل و.م: ويتبين لهم حيث.
[10851]:هذا هو الوجه الثالث.
[10852]:هذا هو الوجه الرابع.
[10853]:في الأصل و.م: إنشائهم من.
[10854]:في الأصل و.م : سفهاء وجهلاء.