فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ رَبَّكَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (30)

ثم سلى رسوله والمؤمنين بأن الذين يرهقهم من الإضافة ليس لهوانهم على الله سبحانه ، ولكن لمشيئة الخالق الرازق فقال : { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } أي : يوسعه على بعض ويضيقه على بعض لحكمة بالغة لا لكون من وسع له رزقه مكرماً عنده ، ومن ضيقه عليه هائناً لديه . قيل : ويجوز أن يراد أن البسط والقبض إنما هما من أمر الله الذي لا تفنى خزائنه . فأما عباده فعليهم أن يقتصدوا . ثم علل ما ذكره من البسط للبعض والتضييق على البعض بقوله : { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } أي : يعلم ما يسرون وما يعلنون ، لا يخفى عليه من ذلك خافية ، فهو الخبير بأحوالهم ، البصير بكيفية تدبيرهم في أرزاقهم ، وفي هذه الآية دليل على أنه المتكفل بأرزاق عباده ، فلذلك قال بعدها : { وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق } .

/خ33