الآية33 : وقوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } والحق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث : كفر بعد الإسلام أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق )( بنحوه النسائي4059 )حرم الله قتل النفس بغير حق ، إذ في إباحته ذهاب ما قصد من إنشاء العالم ، وفي التحريم حياة الأنفس ، وفي إباحة الزنى ذهاب المعارف وجهالتها ، وفي تحريمها حياة المعارف وبقاؤها والوصول إلى الحكمة والعلوم التي يطلب بعض من بعض ، إذ لا يعرف أهل الحكمة من غيرهم ففي ذلك ذهاب العلوم والحكمة .
وفي القتل على الدين إذا استبدله حياة الدين ، لأن من تفكره قتل نفسه إذا ترك الدين ؛ أعني دين الإسلام ؛ ورجع عنه .
وفي ( الزنى ){[10860]} لم يترك دينه الإسلام ، ومن تفكر رجمه بالزنى امتنع عن الزنى ، وتركه .
ومن تفكر أنه يقتل إذا قتل غيره امتنع عن قتله ، ولذلك قال : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب }( البقرة : 179 ) .
فإن قيل في المرأة إذا ارتدت عن الإسلام : إنها لا تقتل ، قيل : لأنه ليس في قتلها حياة الدين ، لأن النساء أتباع الرجال في الدين ، لأنهم يسلمن بإسلام أزواجهن ، ويصرن ذمة بذمة الأزواج . فإذا كان كذلك فليس في قتلهن حياة . ألا ترى أنه روي أن فلانا أسلم معه كذا وكذا نسوة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } والحق ما ذكرنا ، وقوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله } يحتمل بالإسلام أو بالذلة بإعطاء الجزية . ( وقوله تعالى ){[10861]} : { إلا بالحق }ما ذكرنا .
وقوله تعالى : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } قيل : { سلطنا } أي تسلطا وقهرا . وقال بعضهم : { سلطانا } أي حجة على القتل في ما يستوجب به القصاص . ثم ذكر أنه ( جعل ){[10862]} لولي القتيل{ سلطانا } ولم يذكر أي ولي . فيشبه أن يكون المراد من الولي الذي يخلف الميت في التركة ، وهم الورثة ، إذ هو حق كغيره{[10863]} من الحقوق ، فذلك إلى الورثة ، فعلى ذلك حق الدم ، فكأنه قال : ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لورثته سلطانا أي حجة في ما يستوجب .
وفي ظاهر هذه الآية دلالة : أن للواحد من الورثة القيام باستيفاء الدم ؛ إذ لو كان للكل الاستيفاء لدخل في ذلك الإسراف الذي ذكر : { فلا يسرف في القتل } إذ لو ضربه كل الورثة لصاروا{[10864]} في ذلك مثله ، وقد منعوا عن ذلك فإذا كان ما ذكرنا كان في ذلك دلالة لقول أبي حنيفة ، رحمه الله ، حين{[10865]} قال : إن الورثة إذا كان بعضهم صغارا ، وبعضهم كبارا ، فللكبار{[10866]} أن يقوموا بالاستيفاء دون أن ينظروا بلوغ الصغار/300-ب/والله أعلم .
وقوله تعالى : { فلا يسرف في القتل } قال بعضهم : لا يقتل غير القاتل{[10867]} ؛ وذلك إذ كان من عادة العرب قتل غير القاتل . وقال بعضهم : { فلا يسرف في القتل } الأول حين{[10868]} قتل نفسا بغير حق ، فذلك إسراف كما قال : { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا }( المائدة : 32 ) .
وقوله تعالى : { فلا يسرف في القتل } هذا يحتمل ( وجهين :
أحدهما ){[10869]} : أن يكون خاطب به ولي القتيل ، فقال : لا تسرف في القتل أي ( لا ){[10870]} تجاوز الحد الذي جعل له على ما روي ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ){[10871]}( إذا قتلت فأحسن القتل )( بنحوه مسلم1955 ) .
والثاني : ( أن يكون ){[10872]} خاطب به القاتل ؛ يقول له : لا تقتل فإنه إسراف ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إنه كان منصورا } قال بعضهم : إن المقتول كان منصورا بالولي بقوله : { فقد جعلنا لوليه سلطانا } ويحتمل { منصورا } بالمسلمين ، أي على المسلمين والحكام وغيرهم دفع ذلك القتل عنه .
هذا على تأويل من يتأول في قوله : { فلا يسرف في القتل } قتل غير القاتل وليه ، أو يزد في جراحاته ، أو يمثل تمثيلا{[10873]} ، يقول : احذروا ذلك فإن على المسلمين دفع ذلك عنه ، أو{ كان منصورا } في الآخرة .
وفي ظاهر هذه الآية دلالة أن القصاص واجب بين الأحرار والعبيد وبين أهل الإسلام وأهل الذمة ، لأن الله عز وجل قال : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } فكانت أنفس أهل الذمة والعبيد داخلة في هذه الآية لأنها محرمة . وفيه ما ذكرنا أن الكبير من الورثة يقتل{[10874]} ، وإن كان فيهم صغار .
وروي الحسن بن علي رضي الله عنه قتل قاتل أبيه فلانا ، وفي الورثة صغار ، لم يدركوا يومئذ .
ويحتمل أن يكون : { إنه كان منصورا } في ظاهر هذا أن القاتل ، هو كان منصورا ، إذ{[10875]} لم يقل : هو منصور ؛ فجائز أن يقول : كان منصورا قبل قتل هذا ، إذ{[10876]} كان على المسلمين نصره ، فلما قتل كان غيره منصور إلا أن يقال : إن الولي صار منصورا ، وذلك جائز .
وفي قوله : { ولا تقربوا الزنا }( الإسراء : 32 )يحتمل النهي عن نفس الزنى ، ويحتمل ( النهي عن ){[10877]} أسباب الزنى من نحو القبلة والمس وغيره على ما ذكر( رسول الله صلى الله عليه وسلم ){[10878]} ( العينان تزنيان ، واليدان تزنيان ، والفرج ، يصدق ذلك كله ويكذبه )( مسلم2657 )
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.