تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (203)

الآية 203 وقوله تعالى : ( واذكروا الله في أيام معدودات ) ؛ قيل : إنه يحتمل وجهين : قيل : إنه أراد بالأيام المعدودات أيام النحر والذبح ، أي اذكروا الله بالنحر والذبح في أيامكم . فهو عند أبي حنيفة ، رحمه الله ، يوم النحر ويومان بعده ، وقيل : أراد بالأيام المعدودات أيام رمي الجمار : دليله قوله تعالى : ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ، وهي أيام التشريق ، وهي ثلاثة أيام بعد النحر . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده ، اذبح في أيها شئت ، وأفضلها أولها ) ، وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه ، والله أعلم .

وقوله : ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ؛ قيل : ( فمن تعجل في يومين ) [ أي ]{[2356]} بعد يوم النحر يومين{[2357]} ؛ يقول : من نفر من منى قبل غروب الشمس [ في اليوم الثاني ]{[2358]} ( فلا إثم عليه ) ومن لم ينفر حتى غربت الشمس ، وأقام إلى الغد ، اليوم{[2359]} الثالث ، فيرمي الجمار ، ثم ينفر ( فلا إثم عليه ) ؛ وقيل : ( فمن تعجل في يومين ) من أيام التشريق ( فلا إثم عليه ) ومن تأخر إلى اليوم{[2360]} الثالث من أيام التشريق ( فلا إثم عليه ) .

ثم لا يحتمل قوله : ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ومن تأخر ( فلا إثم عليه ) أن يكونا جميعا على [ رخصة التعجل والتأخر ]{[2361]} جميعا ، فلا يلحقه الإثم بكليهما ؛ لأنه إذا كان التعجل هو الرخصة ، فالتأخر لا يكون رخصة ، وإذا كان التأخر هو الرخصة فالتعجل ليس برخصة . لكن الوجه فيه ، والله أعلم : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( ( فمن تعجل في يومين ) غفر له ( ومن تأخر ) غفر له ما كان من الإثم والذنب في اليوم الذي أخر ) ، والله أعلم . ويحتمل أنه خيره : أي إن فعل ذا أو ذا ( فلا إثم عليه ) . وعن بن مسعود رضي الله عنه [ أنه ]{[2362]} قال في قوله : ( فلا إثم عليه ) : رجع مغفورا [ له ]{[2363]} ) .

وقوله : / 33-أ/ ( لمن اتقى ) ؛ قيل : فيه بوجوه : قيل : ( لمن اتقى ) قتل الصيد في الإحرام . وعلى ذلك قوله : ( واتقوا الله ) أي فلا تستحلوا قتل الصيد في الإحرام . وقال ابن عباس رضي الله عنه ( من اتقى معاصي الله جملة ) . وقيل : ( لمن اتقى ) جميع ما يحرم عليه في الإحرام من الرفث والفسوق والجدال وغيره . وعلى ذلك قوله : ( واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ) ؛ خوفهم عز وجل ليتقوه{[2364]} في كل معصية ؛ خرج الخطاب في الظاهر للمؤمنين ، ويحتمل أن يكون للكفار أيضا بأمرهم أن يتقوا الشرك وإشراك غيره في أفعالهم لما أوعدهم بالحشر والجزاء لأعمالهم .


[2356]:- من ط ع...
[2357]:- ساقطة من م.
[2358]:- من ط ع.
[2359]:- من ط ع، في الأصل و م: يوم.
[2360]:- من م، في الأصل و ط ع: يوم.
[2361]:- في الأصل و م: الرخصة التعجل والتأخر، في ط ع: رخصة التعجيل والتأخير.
[2362]:- ساقطة من النسخ الثلاث.
[2363]:- من ط ع، وم.
[2364]:- في الأصل و م: ليتقوا، في ط ع: ليتقوا الله.