تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (199)

الآية 199 وقوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) ؛ قيل : إن أهل الحرم كانوا لا يقفون بعرفات ، ويقولون [ إنا ]{[2346]} نحن ، أهل حرم الله ، لا نفيض كغيرنا ممن قصدنا ، فأنزل الله فيهم [ ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) يأمرهم ]{[2347]} بالوقوف بعرفات والإفاضة منها : من حيث أفاض غيرهم من الناس .

وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كانت قريش ومن كان على دينها{[2348]}يقفون بالمزدلفة ، ولا يقفون بعرفة ، [ وكان من سواهم يقفون بعرفة ]{[2349]} ، فأنزل الله تعالى : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) ) . وفيه دليل أن الوقوف بعرفة فرض . وعلى ذلك جاءت الآثار ؛ روي عن [ رسول الله ]{[2350]} صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة ، ومن أدرك عرفة بليل ، وصلى معنا بجمع ، فقد تم حجة " [ أبو داوود : 1949 ] . ويحتمل قوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) معنى آخر ؛ وهو أنهم رأوا غيرهم من أهل الآفاق ، فإذا قصدوا على الإحرام من وراء الحرم ، وهم أمروا بالإحرام ، فلما خصوا هم بذلك ظنوا أن قضاء غيره من المناسك في الحرم ، والله أعلم .

قال الشيخ أبو منصور ، رحمه الله : ( أمر بالإفاضة بحرف : ( ثم ) بعد ذكر المزدلفة ، والإفاضة من عرفات بتقديم المزدلفة ، فبان أن حرف : " ثم " مما قد يبتدأ به أيضا ) .


[2346]:- من ط ع.
[2347]:- من ط ع، في الأصل: أمرهم، في م: يأمرهم.
[2348]:من ط ع، في الأصل و م: ديننا.
[2349]:- من ط ع.
[2350]:- في ط ع: النبي.