الآية 22 : وقوله تعالى : ]ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة[ قال بعضهم : قوله : ]ولا يأتل[ أي ولا يحلف ، وهو يفعل ، من الإيلاء .
وقال أبو عوسجة : لا يأتل : لا يعجز ، ولا يقصر ؛ يقال : ائتلى يأتلي ، ولا يأل ألوا ، وهو التقصير وترك المبالغة .
ثم يحتمل قوله : ]أولوا الفضل منكم[ أي من له الفضل والسعة . ويحتمل ]أولوا الفضل[ من له الأفضال والمعروف وبر ]أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله( .
وذكر أهل التأويل أن أبا بكر كان حلف ألا ينفع مسطحا بنافعة ، وكان قريبه ، بما تكلم في عائشة فأنزل الله النهي عن ذلك ، فقال : ]ولا يأتل/365- أ/ أولوا الفضل منكم والسعة( .
لكن الآية ، وإن نزلت في أمر ومعنى كان من أبي بكر فإن غيره من الناس يشترك في معنى ذلك ؛ وفي ذلك النهي ، وكذلك ما قال في آية أخرى ، وهو قوله : ]ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم[ الآية ( البقرة : 224 ) ذكر أن قوما يحلفون ألا يبروا الناس ، ولا يصلحوا ( في ما بين الناس ، يريدون ){[13808]} بذلك أن يكون حلفهم في ذلك عذرا لهم في ترك الإنفاق عليهم والتعاون والإصلاح بين الناس ، فنهوا عن ذلك . وذلك النهي{[13809]} لهم ولمن كان في معناهم ، ليس لهم خاصة .
فعلى ذلك قوله : ]ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة[ الآية . و إن كان في أبي بكر فهو فيه وفي الذين في معناه . وإن كان حلف هذا بترك الإنفاق لإساءة كانت منهم إليه ، والأول على الابتداء ( لا ){[13810]} لإساءة كانت منهم إليهم .
وكذلك هذه الآيات نزلت لنازلة كانت في عائشة وصفوان ( بن المعطل ){[13811]} فإنما نزلت لتلك النازلة لمعنى ، لا نزلت لأنها كانت عائشة وأبو بكر ، ولكن لمعنى بكل من وجد ذلك ، فيه شرك في ذلك ، ويجعل كأن هذه الآيات كلها نزلت فيه ، وهو ما قال : ]إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات[ فكل محصنة مؤمنة غافلة بريئة مما رميت به ، دخلت في هذه الآية ، وكل رامي محصن مؤمن غافل برئ ( مما رمي به دخل ){[13812]} في الآية لوجود المعنى الذي نزلت الآية ( له ){[13813]} .
وعلى ذلك القرآن إذا نزل بسبب أو{[13814]} نازلة لمعنى ، يشترك من وجد فيه ذلك المعنى ( في ذلك الحكم ){[13815]} . فعلى ذلك ما نزل في أبي بكر من النهي بترك الإنفاق وما عوده من اصطناع المعروف إليه لما كان منه إليه من الإساءة .
ثم أمره بالعفو والصفح ، وهو قوله : ]وليعفوا وليصفحوا[ أي اعفوا عن إساءته ، واصفحوا ، أي لا تذكروا عفوكم إياه عن إساءته ، ولا تذكروا زلته أيضا ، لأن ذكر العفو يخرج مخرج الامتنان كقوله ]لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى[ ( البقرة : 264 ) أخبر أن المن يبطل الصدقة وذكر الزلة يخرج مخرج التغيير والتوبيخ . فأمره بالعفو ، وهو ظاهر ، والصفح ( وهو ){[13816]} ما ذكرنا من ترك العفو والزلة والإساءة جميعا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ]ألا تحبون أن يغفر الله لكم[ أي قد تحبون أن يغفر الله لكم ما كان منكم إليه من الإساءة ؛ فإن أحببتم ذلك فأعفوا عمن أساء إليكم ]والله غفور رحيم( .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.