تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (128)

الآية 128 وقوله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم } إنما أنت عبد مأمور ، فليس لك من الأمر شيء ، إنما إلى الواحد القهار الذي لا شريك له ، ولا ند كقوله : { يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله } [ آل عمران : 154 ] . وقوله : { أو يتوب عليهم أو يعذبهم } الآية فيه أنه كان من النبي صلى الله عليه وسلم معنى [ قول وفعل ]{[4313]} حتى نزل{[4314]} قوله : { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم } ولكنا لا نعلم ذلك المعنى ، إنه قيل في بعض القصة : إن النبي صلى الله عليه وسلم شح يوم أحد في وجهه ، وكسرت رباعيته ، فدعا عليهم ، فنزل قوله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } وقيل : إن سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا إلى قتال المشركين يقاتلونهم حتى قتلوا جميعا ، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقتلهم ، فدعا عليهم باللعنة ، يعني على المشركين أربعين يوما في صلاة الغداة ، فنزل قوله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } .

وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد : ( اللهم العن أبا سفيان ، الله العن ) فلانا حتى أمن نفر{[4315]} منهم ، فنزل قوله : { ليس لك من الأمر شيء } فأمر بكف الدعاء عنهم ) [ الدر المنثور 2/312 ونحوه في البخاري 4069 ] والله أعلم بالقصة في ذلك .

وقوله تعالى : { أو يتوب عليهم أو يعذبهم } إن{[4316]} كانت القصة في الكفار فكأنه طلب التوبة والهدى ، وأفرط في الشفقة ، فقال جل وعلا : { ليس لك من الأمر شيء /68-أ/ أو يتوب عليهم } فيهديهم لدينه { أو يعذبهم } على كفرهم { فإنهم ظالمون } كقوله : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } [ القصص : 56 ] [ وإن كانت في ]{[4317]} المؤمنين فقوله : { أو يتوب } عن ذنبهم الذي ارتكبوا { أو يعذبهم } بذنبهم ، ولا يعفو عنهم ، والله أعلم .


[4313]:في الأصل وم: قولا وفعلا.
[4314]:في الأصل وم: ترك.
[4315]:في الأصل وم: نفرا.
[4316]:في الأصل وم: فإن.
[4317]:في الأصل وم: فإن كان من.