[ سورة الأحزاب مدنية ]( {[1]} )
الآية 1 قوله تعالى : { يا أيها النبي اتق ولا تطع الكافرين والمنافقين } جائز أمن يكون ظاهر الخطاب ، وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عاما . ألا ترى أنه قال على إثره : { واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا } خاطب به الجماعة ، وقد خاطب رسوله في غير آية من القرآن ، والمراد به غيره ؟ فعلى ذلك جائز أن يكون هذا كذلك .
ويشبه أن يكون المراد بالخطاب أيضا [ هو ]( {[16457]} ) خاصة . لكن إن كان ما خاطب به مما يشترك فيه غيره دخل في ذلك الخطاب وفي ذلك النهي .
وإن كان مما يتفرد به من نحو تبليغ الرسالة إليهم وما تضمنته الرسالة( {[16458]} ) ، وإن خاف على نفسه القتل والهلاك ، فإن عليه ذلك ، لا محالة ، كقوله : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } الآية [ المائدة : 67 ] .
وأما أهل التأويل فمما اختلفوا فيه : [ ما ]( {[16459]} ) قال بعضهم : نزلت الآية ، وذلك أن نفرا من أهل مكة : أبو سفيان بن حرب /423-أ/ وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي ، وهؤلاء قدموا المدينة ، فدخلوا على عبد الله بن أبي رأس المنافقين بعد قتلى أحد ، وقد أعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه . فقالوا للنبي ، وعنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة ، وندعك وربك ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية { اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين } وفيهم نزل [ قوله تعالى ]( {[16460]} ) : { ودع أذاهم وتوكل على الله } [ الأحزاب : 48 ] .
وفي بعض الروايات قالوا ذلك ، وعنده عمر بن الخطاب ، فقال : يا رسول الله ائذن فلي في قتلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، إني قد أعطيتهم الأمان . فإن كان على هذا فالنهي عن نقص العهد والأمان .
وإن كان على الأول فالنهي عن إتباع ما طلبوا منه من رفض آلهتهم والعبادة لها .
وبعضهم يقولون : إن أهل مكة نحو شيبة بن ربيعة وهؤلاء قالوا له : إنا نعطيك يا محمد كذا من المال ، ونزوجك كذا كذا امرأة كثيرة المال ، فارفضنا وآلهتنا ، وإلا قتلك المنافقون : فلان وفلان [ وفلان ، وعدوا ]( {[16461]} ) نفرا ، فأنزل الله تعالى الآية في ذلك بالنهي عن إتباع ما طلبوا منه ، ودعوه إليه ، وأمره بالتوكل عليه( {[16462]} ) في ترك الإتباع لهم .
وأصله ما ذكرنا أن النهي والأمر ، وإن كان خاصا( {[16463]} ) في ما ذكر ، فهو ، وإن كان معصوما ، فالعصمة لا تمنع الأمر والنهي ، بل العصمة إنما تنفع إذا كان ثمة نهي وأمر ، إذ لولا النهي والأمر لكان لا معنى للعصمة ، ولا منفعة لها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { اتق الله } في ترك تبليغ الرسالة إليهم { ولا تطع الكافرين والمنافقين } في إتباع ما دعوك إليه ، وطلبوا منك ، أو في غيره { إن الله كان عليما حكيما } : { عليما } بما كان ، ويكون منهم ، أي على علم بما يكون منهم من التكذيب والرد عليك بعثك ، لا على جهل { حكيما } في ذلك ، أي بعثه إياك إليهم على علم بما يكون منهم من التكذيب والرد ، لا يخرجه عن الحكمة ، ليس كملوك الأرض : إذا أرسل بعضهم إلى بعض رسالات وهدايا على علم من المرسل أن المبعوث إليه ، يرد الرسالة والهدية ، يكون سفيها( {[16464]} ) لأنهم يبعثون ، ويرسلون لحاجة أنفسهم ؛ أعني أنفس المرسلين ، فإذا أرسلوا على علم منهم بالرد والتكذيب كان ذلك سفها خارجا عن الحكمة .
فأما الله سبحانه ، فإنما يرسل الرسل ، ويبعثهم لمنفعة أنفسهم وحاجتهم ، فعلمه بالرد والتكذيب لا يخرجه عن الحكمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.