قوله تعالى : { أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا } يدل على أنهم قد رأوا أن من أنزل عليه الذكر من السماء ، إنما ينزل لفضل وخصوصية . لكن إنما رأوا الفضل والخصوصية لأنفسهم لما لهم الفضل في الدنيا ، فلم يروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك أنكروا إنزال الذكر عليه دونهم ، ولذلك قالوا : { لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] وقالوا : { أأنزل عليه الذكر من بيننا } .
ثم أخبر عز وجل أنهم شاكون في ذكره حين قالوا : { بل هم في شك من ذكري } . وتأويل هذا ، والله أعلم : أن الشك هو الذي لا يوجب القطع على شيء ، بل يوجب الوقف ويبطل القطع على شيء . فكيف قطعتم على الرد والإنكار دون أن تقفوا فيه ؟ والله أعلم .
وقوله تعالى : { بل لما يذوقوا عذاب } يحتمل أن يكون هذا على الإخبار عن الإياس من إيمانهم أنهم لا يؤمنون حتى يذوقوا العذاب كقوله : { إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون } { ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم } [ يونس : 96/97 ] .
وقال مقاتل : اللام زائدة كأنه قال { بل هم في شك من ذكري } بل ما ذاقوا عذابي . يذكر سفههم في ردهم الذكر وتكذيبهم إياه على الشك منهم ؛ والشك يوجب الوقف في الشيء لا القطع في الرد والتكذيب له .
ثم فيه الدلالة على أن الحجج والبراهين قد تلزم من جهل الحقيقة ولم تتحقق عنده ؛ إذا كانت تسأل التحقق لها والوقوف عليها بالتأمل والنظر فيها ، وإن كانت لم تتحقق عنده بالبديهة وعند قرعها سمعه ، فهو حجة لقول علمائنا : إن من أسلم في دار الإسلام ، ولم يعلم أن عليه الشرائع والأحكام ، كان مأخوذا بها غير معذور في جهله فيها لأنها تبين ما يوصل إليها بالسؤال والبحث عنها والفحص عنها ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.