تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

الآية 68 وقوله عز وجل : { ونُفخ في الصور } اختلف في قوله عز وجل : { ونفخ في الصور } أهو على حقيقة النفخ أم لا ؟

قال بعضهم : ليس هنالك نفخ ولا شيء ، وإنما ذكر النفخ عبارة /473 – أ/ عن خفّة الأمر على الله عز وجل [ كقوله ]{[18088]} : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } [ النحل : 77 ] [ وقوله ]{[18089]} : { وهو أهون عليه } [ الروم : 27 ] .

وقال بعضهم : ليس نفخا إنما هو عبارة عن قدر نفخ أنه يحيى ، ويميت على قدر النفخة ، لأنها أسرع شيء في الدنيا{[18090]} .

وقال بعضهم : هو على حقيقة النفخة من غير أن كانت سببا للإحياء والإماتة ، ولكن على جعل النفخة علَما وآية للإحياء والإماتة . امتحن بذلك المَلَك الذي كان موكلا به على ما امتحن مَلك الموت بقبض الأرواح في أوقات جُعلت له .

فعلى ذلك ما ذكر من النفخة ، والله أعلم .

ثم اختلف في الصور أيضا . قال بعضهم : هو صُوَرُ الخَلق ، فيها يُنفخ ، وإلى ذلك [ ذهب ]{[18091]} جميع أهل الكلام . وقال [ بعضهم ]{[18092]} : ليس هو صُوَرَ الخَلق ، ولكن إنما هو قرن ، لأنه قال : { الصُّور } ، ولم يقل : الصُّوَرِ بالتثقيل ، وإنما ذكره بالتخفيف ، وهو القرن . وذكر صُوَرَ الخلق بالتثقيل صوّر حين{[18093]} قال : { فأحسن صوركم } [ غافر : 64 والتغابن : 3 ] فلسنا ندري أيهما يقال جميعا [ الصُّورُ أمِ ]{[18094]} الصُّوَرُ ؟ والله أعلم .

وقوله عز وجل : { فصعِق من في السماوات ومن في الأرض } قال عامة أهل التفسير والتأويل : الصّعق الموت .

وقال بعضهم : الصّعق ، هو الغشيان كقوله عز وجل : { وخرّ موسى صعِقًا } [ الأعراف : 143 ] أي مغشيّا عليه .

ألا ترى أنه قال عز وجل : { فلما أفاق } وإنما يفاق من الغشيان ، ولا يفاق من الموت ؟ والله أعلم بذلك .

وقوله تعالى : { إلا من شاء الله } هم{[18095]} جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ثم نُفخ فيه أخرى } قال بعضهم : تكون ثلاث نفخات : نفخة تحملهم على الفزع [ لقوله تعالى ]{[18096]} { ويوم ينفخ في الصور ففزِع من في السماوات ومن في الأرض } الآية [ النمل : 87 ] ونفخة{[18097]} يموتون بها . والثالثة{[18098]} يحيون بها .

وعلى هذا يُروى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يُنفخ ثلاث ) [ ابن جرير الطبري في تفسيره : ج 24/30 ] ذكر كما ذكرنا ، والله أعلم .

وقال بعضهم : نفختان على ما ذكر في هذه الآية : بإحداهما يموتون . والثانية يحيون ، والله أعلم .


[18088]:ساقطة من الأصل وم.
[18089]:ساقطة من الأصل وم.
[18090]:أدرج بعدها في الأصل وم: هي النفخة.
[18091]:ساقطة من الأصل وم.
[18092]:ساقطة من الأصل وم.
[18093]:في الأصل وم: حيث.
[18094]:في الأصل وم: أم لا الصور أو.
[18095]:في الأصل وم: هو.
[18096]:ساقطة من الأصل وم.
[18097]:في الأصل وم: ثم الأخرى.
[18098]:في الأصل وم: والثلاثة.