تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا} (157)

الآية 157

{ وقوله تعالى }{[6762]} : { وقولهم إنا قتلنا المسيح } قيل : سمي المسيح : يعني ماسحا{[6763]} لأنه كان يمسح المريض والأبرص والأكمة ، فيبرأ ، فسمي لذلك مسيحا وذلك الفعيل بمعنى الفاعل{[6764]} ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله } الآية . لبعض الناس تعلق بهذه الآية بوجهين :

أحدهما : في احتمال الغلط والخطإ في المشاهدات والمعاينات .

والثاني : في احتمال المتواتر من الأخبار والغلط والكذب ؛ وذلك أنه قيل في القصة : إن اليهود طلبت عيسى عليه السلام ليقتلوه ، فحاصروه في بيت ، ومعه نفر من أصحابه من الحواريين ، فأدركهم المساء ، فباتوا يحرسون ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام{ إني متوفيك ورافعك إلي } ( آل عمران : 55 ) فأخبر أصحابه ، وقال : أيكم يحب أن يلقي عليه شبهي ، فيقتل ، ويجعله الله يوم القيامة معي في درجتي ؟ فقال رجل منهم : أنا يا رسول الله ، فألقى الله تعالى عليه شبهه ، فقتلوه ، وصلبوه .

وقيل : إنه صلى الله عليه وسلم لما هموا بقتله التجأ إلى بيت ، فدخل ، ( فلما ){[6765]} جاؤوا في طلبه دخل رجل منهم البيت لقتله ، فأبطأ عليهم ، فظنوا أنه يقاتله . فلما خرج ، وقد ألقى ( الله ){[6766]} شبهه عليه ، قتلوه{[6767]} ، وقالوا لما قتلوا ذلك( الرجل ){[6768]} ، وعندهم أنه عيسى لما كان به شبه {[6769]} ، قم لم يكن ذلك ما يمنع أيضا أن يشاهد ، ويعاين : إنه في الحقيقة على غير ذلك كما شاهده أولئك القوم ، وعاينوه ، وعندهم أنه عيسى ، ثم لم يكن ، والله أعلم .

ثم الخبر أيضا قد تواثر فيهم بقتل عيسى ، فكان كذبا ما يمنع أيضا أن الأخبار المتواترة بجواز أن تخرج كذبا وغلطا . وقيل{[6770]} : الخبر بقتله إنما انتشر عن ستة أو سبعة على ما ذكر في القصة . والخبر الذي كان انتشاره بذلك القدر من العدد هو{[6771]} من الأخبار الآحاد عندنا .

وأما قوله تعالى : { ولكن شبه لهم } ( فإنه ){[6772]} يجوز أن يكون ذلك التشبيه تشبيه خبر أنه قتل من إلقاء الشبه على غيره ، وقتله على حقيقة ؛ وذلك أنه ذكر في بعض القصة أنهم لما طلبوه {[6773]} في ذلك البيت ، فلم يجدوه ، ولم يكن غاب واحد منهم ، قالوا{[6774]} : قتلناه لأنهم قالوا : إنه دخل البيت ، فدخلوا هم على إثره ، فلم يجدوه ، وكان{[6775]} ذلك إنباء عن{[6776]} عظيم رسالته ، فلم يحبوا أن يقولوا ذلك ، قالوا : قتلناه كذبا . فذلك تشبيه منهم لهم ، والله أعلم .

فإن احتمل هذا لم يكن ما قالوا من تخطئة الغير لهم درك . فقد{[6777]} كان ما قال أهل التأويل من إلقاء شبهه عليه : ذلك{[6778]} من آيات رسالته ، أراد الله أن تكون آياته قائمة بعد غيته عنهم ، وفي حال إقامته بينهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه } قيل : { لفي شك } من قتل عيسى عليه السلام قتل أو لم يقتل . وقيل : { لفي شك منه } في عيسى أي على شك ؛ يقولون : إنه ابن الله { ما لهم به من علم إلا اتباع الظن } أي ليس لهم بذلك إلا اتباع الظن إلا قول منهم بظنهم في غير يقين{ وما قتلوه يقينا }أي ما قتلوا ظنهم يقينا{ وما قتلوه يقينا } . وقيل : { وما قتلوه يقينا }أي يقينا ما قتلوه .


[6762]:ساقطة من الأصل وم.
[6763]:في الأصل وم: ماسح.
[6764]:في الأصل وم: فاعل.
[6765]:ساقطة من الأصل وم.
[6766]:ساقطة من الأصل وم.
[6767]:في الأصل وم: فقتلوه.
[6768]:ساقطة من الأصل وم.
[6769]:في الأصل وم: شبهة.
[6770]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[6771]:من م، في الأصل: وهو.
[6772]:ساقطة من الأصل وم.
[6773]:في الأصل وم: طلبوا.
[6774]:في الأصل وم: فقالوا.
[6775]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[6776]:في الأصل وم: من.
[6777]:في الأصل وم: فلو.
[6778]:في الأصل وم: فذلك.