{ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله } أي : بمجموع ذلك عذبناهم .
فإن قيل : كانوا كافرين بعيسى أعداء له عامدين لقتله يسمونه الساحر بن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فكيف قالوا : إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ؟ أجيب : بأنهم قالوه بزعم عيسى عندهم أو إنهم قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون : { إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } ( الشعراء ، 27 ) .
قال الزمخشري : ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعاً لعيسى عليه الصلاة والسلام عما كانوا يذكرونه به اه .
قال الله تعالى تكذيباً لهم في قتله { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } أي : المقتول والمصلوب .
روى النسائي عن ابن عباس : ( أنّ رهطاً من اليهود سبوه وسبوا أمّه فدعا عليهم فمسخهم الله قردة وخنازير فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله تعالى بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود فقال لأصحابه : أيكم يرضى أن يلقى الله عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب ) . وقيل : كان رجلاً ينافق عيسى أي : يظهر له الإسلام ويخفي الكفر فلما أرادوا قتله قال : أنا أدلكم عليه فدخل في بيت عيسى فرفع عيسى عليه الصلاة والسلام ، وألقى الله شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى .
وقيل : إنهم حبسوا عيسى عليه الصلاة والسلام في بيت وجعلوا عليه رقيباً فألقى الله شبه عيسى على الرقيب فقتلوه ، { وإنّ الذين اختلفوا فيه } أي : في شأن عيسى ، فإنه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس ، فقال بعض اليهود : إنه كان كاذباً فقتلناه حقاً ، وتردد آخرون ، وقال بعضهم : إن كان هذا عيسى ، فأين صاحبنا ؟ وقال بعضهم : الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا ، وكان الله ألقى شبه وجه عيسى عليه ولم يلق على جسده ، وقال : من سمع من عيسى إنّ الله يرفعني إلى السماء إنه رفعه إلى السماء : وقال قوم : صلب الناسوت أي : الإنسانية وصعد اللاهوت أي : الألوهية { لفي شك منه } أي : من قتله { ما لهم به } أي : بقتله { من علم } وقوله تعالى : { إلا إتباع الظن } استثناء منقطع أي : لكن يتبعون فيه الظنّ الذي تخيلوه .
فإن قيل : قد وصفوا بالشك والشك أن لا يترجح أحد الجائزين ثم وصفوا بالظنّ والظنّ أن يترجح أحدهما ، فكيف يكونون شاكين ظانين ؟ أجيب : بأنّ الشك كما يطلق على ما لا يترجح أحد طرفيه يطلق على مطلق التردّد وعلى ما يقابل العلم فيشمل الاعتقاد { وما قتلوه } أي : انتفى قتلهم له انتفاء { يقيناً } أي : انتفاؤه على سبيل القطع ويجوز أن يكون حالاً من واو قتلوه أي : ما فعلوا القتل متيقنين أنه عيسى عليه الصلاة والسلام بل فعلوه شاكين ، فيه والحق إنهم لم يقتلوا إلا الرجل الذي ألقى عليه شبهه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.